
![]() |
على ورق الورد المكان ودوره في الفن |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
أطل علينا شهر رمضان الفضيل , بطقوسه ونكهاته , وبترقبنا وانتظارنا للوقت المسترخي الذي يلي إفطارنا بعد صوم شاق في جوّ ازدادت درجة حرارته فبلغت الخمسين أو أكثر , الوقت الذي تسترخي فيه حواس الجسم وتنفض الروح ما تبقى من طقوس قدسية , يلجأ الصائم إلى ما تبثه الفضائيات من برامج ومسلسلات متنوعة , تم طبخها خلال عام كامل منذ رمضان الماضي وحتى هذه الأيام , وهذه الطبخات التي تم التبشير بها والاعلان عنها كثيرا , حد أن المشاهد العراقي والعربي قد عرف طبيعة ما يضمر له منتجو رمضان للدراما والبرامج المتنوعة المختلفة في موضوعاتها وفي سبل أدائها وطبيعة النجوم المشاركين فيها .
وفي رمضان الحالي طالعتنا الدراما العراقية بأكثر من عمل ومسلسل وبرنامج كوميدي متفاوت في درجات الإضحاك والتهريج والاسفاف في بعض الموضوعات التي لم يعد المتلقي العراقي راغبا به .
ومع كل الملاحظات التي قيلت ونشرت وأعلنت عن أهمية إبراز ملامح البيئة المحلية في كل عمل درامي عراقي , كي يحقق المصداقية في التناول الحكائي للحدث الذي أخذ كبؤرة لبناء العمل وإقناع المشاهد به , إلا أن معظم الأعمال التي تبنت الحدث العراقي وانتجت خارج العراق قد ظلت بعيدة عن تجسيد ملامح البيئة ومفرداتها الدقيقة التي قد تبدو بسيطة , لكنها مهمة في تحقيق الدقة والمصداقية ونقل المشاهد لتاريخ وقوع الحدث , والأمثلة على ما نرمي إليه كثيرة ومختلفة , فمثلا يظهر أحد ضباط الأمن العراقيين وفي فترة سبعينيات القرن الماضي وهو يعمل على "لاب توب" ؟؟ أو يتحدث شخص جنوبيّ من القرى البعيدة المتاخمة للأهوار باللهجة البغدادية , أو يغني مطرب معين أغنية للفنان الراحل سعدي الحلي وفي زمن الاقطاع ؟؟ أو تظهر بغداد بشوارع نظيفة أنيقة مليئة بالزهور والأشجار فيما الحدث فيها يدور الآن , وهكذا مع شكل المنازل والأزقة والأدوات المستخدمة والملابس وووو الكثير من المفردات تكون بعيدة عن الواقع وعن زمن حدوث الحكاية التي يتبناها موضوع المسلسل أو البرنامج , ولا أدري ما السبب في ذلك ؟
إذا كان السبب الاستعجال والسرعة , فأعتقد أن عاما كاملا كفيل بإنجاز مثل هذه الأعمال التي لا تتسم بالضخامة التي قد تأخذ من عمل درامي ما سنوات طويلة من العمل اليومي المضني , إما إذا كان السبب لتمشية الأمور , والاستخفاف بالمشاهد العراقي ووعيه وربما عدم انتباهه للكثير من التفاصيل , فهذا أمر فيه محنة فنية تنطلق منها فكرة خيانة البيئة , التي حاول منتجو مسلسل "الباب الشرقي " أن يقتربوا من ملامح البيئة فبنوا في القاهرة نموذجا قريبا لنصب الحرية , وكان النموذج جميلا معبرا أدى روح فكرة العمل , لكنه لم يكن مبررا بشكل كلي , وأظنهم بالغوا في ذلك , وكان بالإمكان تمثيل مشاهد العمل تحت نصب الحرية في بغداد بحضور الممثلين والحصول على الموافقات الأمنية اللازمة , وبذلك تتحقق المصداقية بكل أبعادها , وتقل المصروفات ويحقق شرط البيئة الذي يساهم حتما في نجاح العمل الدرامي .
على جميع العاملين في مجال الدراما أن يخلصوا للبيئة وملامحها , وبكل المفردات من اللهجة والملابس والأشكال والأدوات حتى نوع الأشجار والشوارع والجدران والأزقة , ولنتعلم من الدراما المصرية ذلك , فهم مستعدون لإعادة لقطة معينة مائة مرة , حتى لا يقول رجل من جنوب العراق مفردة "لعد " أو " لك" , ولا لرجل من شمال العراق يقول مفردة "چا" ..إنها خصوصيات وملامح خاصة , فلماذا نخونها ؟ |
المشـاهدات 68 تاريخ الإضافـة 16/06/2025 رقم المحتوى 63916 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |