الإثنين 2025/6/16 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 42.95 مئويـة
نيوز بار
على ورق الورد المكان ودوره في الفن
على ورق الورد المكان ودوره في الفن
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب منذر عبد الحر
النـص :

 

 

 

 

 

 

       أطل علينا شهر رمضان الفضيل , بطقوسه ونكهاته , وبترقبنا وانتظارنا للوقت المسترخي الذي يلي إفطارنا بعد صوم شاق في جوّ ازدادت درجة حرارته فبلغت الخمسين أو أكثر , الوقت الذي تسترخي فيه حواس الجسم وتنفض الروح ما تبقى من طقوس قدسية , يلجأ الصائم إلى ما تبثه الفضائيات من برامج ومسلسلات متنوعة , تم طبخها خلال عام كامل منذ رمضان الماضي وحتى هذه الأيام , وهذه الطبخات التي تم التبشير بها والاعلان عنها كثيرا , حد أن المشاهد العراقي والعربي قد عرف طبيعة ما يضمر له منتجو رمضان للدراما والبرامج المتنوعة المختلفة في موضوعاتها وفي سبل أدائها وطبيعة النجوم المشاركين فيها .

 

       وفي رمضان الحالي طالعتنا الدراما العراقية بأكثر من عمل ومسلسل وبرنامج كوميدي متفاوت في درجات الإضحاك والتهريج والاسفاف في بعض الموضوعات التي لم يعد المتلقي العراقي راغبا به .

 

       ومع كل الملاحظات التي قيلت ونشرت وأعلنت عن أهمية إبراز ملامح البيئة المحلية في كل عمل درامي عراقي , كي يحقق المصداقية في التناول الحكائي للحدث الذي أخذ كبؤرة لبناء العمل وإقناع المشاهد به , إلا أن معظم الأعمال التي تبنت الحدث العراقي وانتجت خارج العراق قد ظلت بعيدة عن تجسيد ملامح البيئة ومفرداتها الدقيقة التي قد تبدو بسيطة , لكنها مهمة في تحقيق الدقة والمصداقية ونقل المشاهد لتاريخ  وقوع الحدث , والأمثلة على ما نرمي إليه كثيرة ومختلفة , فمثلا يظهر أحد ضباط الأمن العراقيين وفي فترة سبعينيات القرن الماضي وهو يعمل على "لاب توب" ؟؟ أو يتحدث شخص جنوبيّ من القرى البعيدة المتاخمة للأهوار باللهجة البغدادية , أو يغني مطرب معين أغنية للفنان الراحل سعدي الحلي وفي زمن الاقطاع ؟؟ أو تظهر بغداد بشوارع نظيفة أنيقة مليئة بالزهور والأشجار فيما الحدث فيها يدور الآن , وهكذا مع شكل المنازل والأزقة والأدوات المستخدمة والملابس وووو الكثير من المفردات تكون بعيدة عن الواقع وعن زمن حدوث الحكاية التي يتبناها موضوع المسلسل أو البرنامج , ولا أدري ما السبب في ذلك ؟

 

       إذا كان السبب الاستعجال والسرعة , فأعتقد أن عاما كاملا كفيل بإنجاز مثل هذه الأعمال التي لا تتسم بالضخامة التي قد تأخذ من عمل درامي ما سنوات طويلة من العمل اليومي المضني , إما إذا كان السبب لتمشية الأمور , والاستخفاف بالمشاهد العراقي ووعيه وربما عدم انتباهه للكثير من التفاصيل , فهذا أمر فيه محنة فنية تنطلق منها فكرة خيانة البيئة , التي حاول  منتجو مسلسل "الباب الشرقي " أن يقتربوا من ملامح البيئة فبنوا في القاهرة نموذجا قريبا لنصب الحرية , وكان النموذج جميلا معبرا أدى روح فكرة العمل , لكنه لم يكن مبررا بشكل كلي , وأظنهم بالغوا في ذلك , وكان بالإمكان تمثيل مشاهد العمل تحت نصب الحرية في بغداد بحضور الممثلين والحصول على الموافقات الأمنية اللازمة , وبذلك تتحقق المصداقية بكل أبعادها , وتقل المصروفات ويحقق شرط البيئة الذي يساهم حتما في نجاح العمل الدرامي .

 

       على جميع العاملين في مجال الدراما أن يخلصوا للبيئة وملامحها , وبكل المفردات من اللهجة والملابس والأشكال والأدوات حتى نوع الأشجار والشوارع والجدران والأزقة , ولنتعلم من الدراما المصرية ذلك , فهم مستعدون لإعادة لقطة معينة مائة مرة , حتى لا يقول رجل من جنوب العراق مفردة "لعد " أو " لك"   , ولا لرجل من شمال العراق يقول مفردة "چا" ..إنها خصوصيات وملامح خاصة , فلماذا نخونها ؟

المشـاهدات 68   تاريخ الإضافـة 16/06/2025   رقم المحتوى 63916
أضف تقييـم