
![]() |
قصة قصيرة الدوخة .. وصدر القناة الرحب |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
علي حداد عندما لا تدوخ عامة الناس .. لا تستطيع الخاصة ان تفعل ما يثير غضب الله ..ابدا …… الاهداء :الى الملحن محمد نوشي والموسيقار منير بشير ومحمد جواد اموري والرائع الفنان بشار طعمة - ربما بقيت لنا سكة قطار نتبع آثارها .. كي نصل الى شجرة .. او طير أو الى مدينة .. غادرتنا . راح محمود الاديب يعطس بعد ان ردد جملته مرتين ، بينما ذهبت انا اتلوى في مكاني وكذا تململ الجميع .. اذ يصعب على المرء ان يطوقه الحزن والدمار والخراب وان يداهمه الاحساس بأن لاخلاص هنالك ..وان يطفوا الجميع في أعالي البحار على قشة ، وعلينا ان نقول كلمة الوداع الاخيرة وكأننا نحتضرإحتضارا جماعيا ونحن نتمدد تجاه قبلة المسلمين.. احسست ان ريقي نشف ومحمود الاديب يحضر معه جبال من الهم و يضعها على صدورنا وهو يسألني :- - هيه عباس الايعجبك ما تحدثت به .. ها .. ؟؟ ذات يوم كانت الارض خضراء مستقرة وكذلك السماء زرقاء بهية.. والحياة على الارض تجري الى مستقر لها ، وكنت أنظر بعينين مستقرتين الى صبيحة والى احلامي البسيطة والى حبي الذي كان ينمو مثل طفل يشتد عوده يوما بعد آخر. وكذلك كان هذا حال كل من يحيط بي من الناس الذين أعرفهم ، سلامة او < اسمهان > كانت تشبه الى حد كبير الفنانة المصرية اسمهان < نحن الصبية > كنا نسميها اسمهان .. وحبها لهاشم الطيار < هاشم جرادة > اذ كانت الطائرة الهليكوبتر التي يقودها يسمونها < ام الجراد > وكميلة وعشقها لكامل أبو سمرة وقاسم حمودي حداد الرجل الطيب الذي كانوا ينادونه ب . عمي قاسم وحبه لزوجته زهرة صادق واولاده وبناته الثلاث هناء ورجاء وايمان واولاده هؤلاء كل طموحه وامانيه ، وعصفور مشغل سينما الفردوس وهيامه بملوك ام < الباكلة> وعمارة أبو الجبن وشهامته وحبه لزوجته الشقراء القصيرة ..وابو حورج أبو < العرك >وكرهه العجيب للحكومة ، وكان طموحهم معروف واحلامهم معروفة ومستقرة ..والمراجعين من المواطنين كانت الابتسامة لاتفارق شفاههم وخاصة مراجعين بدالة الغرب الكائنة في علاوي الحلة وكذلك المواطنين من الموظفين كانوا سعداء بعملهم ، الجميع كان يبدو سعيدا بحياته واحلامه ومصيره،حتى الخروف الذي كان يذهب الى الذبح كان بشوشا راضيا بكونه قربان إسماعيل فمصيره معروف ومكانه معروف وخلاصه معروف ايضا .. ولا أحد يركض بأتجاه المجهول وعلى حين فجأة بدأت الاشياء تتغير. الارض والمياه والاشجاروالناس والمحقق القصير ذو الشارب الطويل ، كان مثل <غضب على الناس > وعلى بدالة الكرخ .. حينها سألتني صبيحة ، كانت ترتدي بلوزة صفراء :- - ماذا تريد ياعباس ؟ - اريد ان أعيش - وها أنت تفعل - أنا أتنفس فقط.. مذ جاءني المحقق القصير ذو الشارب الطويل اصبحت انا مجرد غطاس في الماء لايحتاج الا للهواء .. لكي يستمر في الحياة - 1 - راحت تبكي وهي تمسك بيدي ولاأعتقد ان بلوزتها الصفراء قد تبللت .. كان شعرها الاسود الطويل يرتمي على كتفيها مثل جثة وكذلك كانت مشاعري واحاسيسي وحبي ورؤيتي لأبناء المحلة ، كانوا مجموعة من جثث تسير وتأكل وتعبر الشارع ، جثث تبكي وتضحك وتنام ورائحة العفن تفوح منها بلا حياء ..جاء السيد العام ومحققيه بكل هذا الموت الذي حولني الى تنور يفور بنيران تتأجج .. تنور لاينطفىء أبدا كأنه نار أزلية تكشرعن أنيابها وتريد المزيد من القرابين ، وحين عدت بعد سنوات طويلة مظلمة عشتها في سجون واقفاص من جحيم وكنت أظنني وقد تخلصت من النار إذ بي أدخل الى جحيم آخر.. بدأ بالمحقق الذي أعتبرني مرتدا وعميلا، وأنتهاء ببدلته السوداء وبربطة عنقه البيضاء التي كان يشنق نفسه بها :- - عباس محمد نديم مرة أخرى منذ اليوم الاول لمجيء السيد العام وانا لم استطع ان أجد لغة مشتركة بيني وبينه ، كان يحمل لهجة غير لهجتي واعرافا وتقاليدا غير أعرافي وتقاليدي ، ونظرتي الى الطيور والكون والنساء غير نظرته :- - من هي صبيحة ؟ - امرأة أحبها - هل تنام معها ؟ هز رأسه وردد على مسامعي بأني جاسوس قذر:- - كنت اعمل في اقفاص الاسر طباخ .. طباخ ليس الا - الخائنون فقط .. يعملون في المطابخ .. انت هر ملعون وضحك لوحده ، لدقائق فعل ذلك :- - وهل تحبك ...صبيحة ؟ - يقولون انها انتظرتني .. بقت تنتظرني طيلة فترة غربتي الموحشة ! وحين جاء العفو عن المرتدين خرجت الى الدنيا من قبري و أول شيء واجهني هو الغبار العجيب والشمس التي كان الحمار يبول تحت قسوتها دما كما يقولون . وشعرت حينها اني أواجه مدينة ليست مدينتي انها مدينة تحولت الى قرية خرافية، قرية كبيرة لاقيم فيها ولا مباديء قرية بلا حب.قرية قاسية بلا قلب قرية عشائر < جيب عمامك ..! انها تنين ،وقلبي ألصغير أحترق مذ رأيت صبيحة تركب سيارات أولاد السيد العام الطويلة والفارهة، ورأيت اصدقائي من المنفيون وهم يتساقطون الواحد بعد الآخر ، فهذا تركي عزيز وقد هربت زوجته مع عشيقها بعد ان باعت البيت ،وأبو شيرين حميد رشيد عبود طردته ابنته شيرين من بيتها راح يبكي امامي فغصت روحي بالاسى وحين عثروا عليه ميتا في حديقة الامة ، الم بي مرض عجيب اذ رحت اكره المدينة التي تغدر بفلذات اكبادها وأبو غدير عاد ليجد ابنه مدمن حبوب وهاهو يطارده والسكين بيده وهو يطالبه بالأرث، ورعد أواكس ابن الذوات صارلصا محترفا في منتصف شارع المتنبي اذ قسموا الشارع البداية لشاكر ابو الفلافل والمنتصف لرعد اواكس سمي بأواكس لانه كان يعرف مافي داخل السيارات فواكه او لحم او احذيبة او نعل !!! والاخير لحمزة ابو حزام ورحيم أبو <العتيك> مات تحت الجسرالعتيق سكرانا لأنه فشل في أستيعاب واقع القرية الجديد وراتبه البائس الذي لايمكنه ان يعيل عصفورصغيرخرج للتو من بيضته. والشاعرالمهموم سعد < الخبل > والذي كان يكتب على قدح شايه ايام كان حبيسا في قفصه.. < تلدغني الحية فتموت بسمي> رأيته يعمل في ساحة عامة للسيارات، كانوا جميعا في غير مواقعهم ويعيشون في غير زمانهم وحين التقيت محمود الاديب صدفة في شارع المتنبي في العام 2003 اطلق آهة وهويقول همه وما يشغل باله ويقلقه :- - هالني ما رأيت ياعباس ، فالشاعر صار يكتب القصة ، والرسام أصبح روائيا ، والقاص أمسى ملحنا ، والمغني أضحى .. آه .. والعاهرات رحن يكتبن مذكراتهن وفوزى الربيعي صار رساما ويقيم معارضا يفتتحها السادة العامون،والناقد ذهب يكتب عن التراث الجديد لقرية الحضر وتراثها. لقد فقدنا كل شىء ولم يعد بأمكانك رؤية الاختصاص أو التفرد ..كل ما تراه وتسمعه. كان .. لم اكن افهم ماكان يرمي اليه لذا سألته عن زوجته فأجاب بحزن :- - وصل الخبر الى أهلي أنني أستشهدت فتزوج أخي منها وله منها ثلاثة بنات ولي منها كما تعرف ولد وبنت - واولادك ؟؟؟ - 2 - - أنهم يعيشون مع عمهم زوج امهم .. أريد أن أسافر لكني لاأملك شيئا . اراد ان يهرب من نفسه .. من جلده ، وهو يتقىأ بسؤال :- .ما أخبار صبيحة ؟ رأيته وقد كبرالف عام فقد غزا الشيب حاجبيه ..راح يبدو لي مثل مجنون .. هو اراد ان يهرب من كيانه ووجدانه ومن عالمه بهذا السؤال الساذج.. هل أقول له انها اصبحت كما يسميها اولاد المحلة .. صبيحة تاكسي!!، حدث هذا بفضل السيد العام وبفضل رواتبه وكرمه .. لكنه نظر الى طويلا وكأنما ادرك ما أعانيه :- - كل شيْ تغير ياعباس فأمي توفيت .. وأخي لم يعد أخي وزجتي لم تعد زوجتي واولادي كذلك ،انت تعرف، ها ؟ ثم أخذ نفسا طويلا من سيكارته وهويضيف بألم :- - حتى الاغاني صارت رقصا على الفراش.. والقاضي راح يبحث له عن دور يسرق فيه بشكل قانوني .عباس هذه القرية لم تعد مدينتنا ابدا. .ولاحتى .......................... كان همه الادب والفن والقراءة والأستأناس بالرأي الذي كان يحلم ان يدله على سكة القطار ..تلك .. فارقته متجها الى ساحة الميدان وانا اكاد أنفجر.. رأيت صغار البائعين وهم يكذبون من اجل ان يبيعوا راديو عتيق أوتلفزيون قديم أو حذاء ممزق أو سترة أصابها الجرب وهم يقسمون للمشتري بأغلظ الايمان على - والقرعان انها جديدة لم تدشن !!! وهناك وامام بريد باب المعظم الذي دمرته ا لقوات لامريكية قابلت سلامة او اسمهان وجها لوجه ولااعرف كيف عرفتني :- - عباس ؟؟ وبعقل طفولي اجبتها:- - أسمهان ؟؟ كنا نحن الصبية نسمي سلامة ..اسمهان ....عرفت منها انها لم تتزوج من هاشم الطيار وكان الزمن قد حفر على وجهها حفرا وازقة وشوارع وخرائط لطرق مجهولة من الحسرة وانها الان تعيش مع اخيها الذي وقف حجر عثرة في طريق زواجها وانها مصرة على ان تريه وفي كل يوم وجهها العجوز حتى يرى بأم عينيه ما أقترفت يداه. وأخبرتني ببكاؤه المر وصراخه في الليل :- - ياناس خلصوني من سلامة .. بطل<عرك> ومدا أنسى خلصوني ياعالم ………………… وعمارة ابو الجبن قتله واحد من الشواذ ، وملوك لم يتزوجها عصفور لأنه اصبح عاقرا إ ثر الضربة القديمة بين ساقيه، ومحمد الجبابي امسى من اشهر القوادين ، وأبو جورج أبو< العرك> مازال يبيع< العرك> متمسكا بحمكته القديمة < حكومة تروح وحكومة تجي وآني أبيع عرك > ..والموظفون والمراجعون في بدالة الكرخ مازالت إبتساماتهم مضيئة لأنهم بقوا راشين ومرتشين ،وكميلة لم تتزوج من أبو سمرة ... لأنه هرب الى اليونان بعد اتهامه بأنه عمل مع الامريكان ..والخروف لم يعد يشعرانه قربان إسماعيل بل صار يذبح على موائد الصفقات المشبوهة أما عمو قاسم فمازال عمو قاسم الى ان توفي ، ثم تذكرت قصة لمحمود الاديب وهو يتحدث فيها عن المارة في شوارع المدينة. قال فيها حين لاتدوخ العامة من الناس لاتتفتح قريحة المسؤولين في النهب والسلب لذلك تصبح دوختهم ضرورة ملحة ... عدت الان احس المارة مثل مارقين يسيرون في كل الاتجاهات، والدم يقطر من افواههم التي إمتلأت بأنياب طويلة.. وكان في قصته يقول بينما الأديب راح يعاقر الخمرة لأنه بدأ يشعر أن لاصوت له في أعادة بناء وترميم البنى التحتية للأنسان وهو يدرك جيدا أنه حين يموت صوته ..تموت الحياة . والان اقول لكم بصراحة أنني وقد عشت بقلبي الصغير كل هذه الحياة حتى بعد مقتل صبيحة ، والتي عثروا على جثتها مقطعة ومرمية في صدر القناة. دخت مرة أخرى وأجدني الان ايضا لاأستغني عن حبة أ لاسبرين لأن صدر القناة مازال يستقبل الكثير من الجثث المقطعة والمشوهه وهو ذاته ألذي حطم الكثير من قصص الحب والحياة ..وسيستقبل المزيد ، ربما لأن صدره كان رحبا ........ ورحت أردد بيني وبين نفسي .. وانا ارثي حالي وحال كل عرقي مثلي < ألله يساعد كلبك ..عباس > <الله يساعد كلبك ..عبوسي !! |
المشـاهدات 35 تاريخ الإضافـة 16/06/2025 رقم المحتوى 63925 |