الخميس 2025/6/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
نيوز بار
فوق المعلق حين تطارد الأشباح مبدعينا فيهاجرون
فوق المعلق حين تطارد الأشباح مبدعينا فيهاجرون
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب الدكتور صباح ناهي
النـص :

 

 

 

 

  ظل جعفر الخفاف ينحت في الصخر في مجالات عديدة ابعد من التلحين و كتابة القصائد  نحو الابداع في مجالات عديدة ، حتى صدر له ديوان شعر عمودي عن اتحاد الأدباء والكتاب المركز العام ، اضافة لعشرات الاغنيات التي من اللافت أنها كلها تحظى بإشادة وتقدير عاليين ، من الجمهور الواسع وليس من المختصين في الفن فحسب ، الذين وجدوا فيه استثاءاً بين الملحنين والمطربين والفنانين العراقيين المسرحيين وعزفت ألحانه فرق أوركسترا عالمية منها الاوركسترا الوطنية في بغداد والأوركسترا السويدية في مدينة  Malmö والفلهارمونك أوركسترا الملكية الهولندية ، وتعدت ألحانه الاغنيات العاطفية والوطنية إلى الموشح بل تفوق في اغلب أنواع التأليف والتلحين التي مرت عليه ومر عليها ، ويحفل سجل جعفر مع كل الالقاب التي يستحقها انه اصغر ملحن عراقي يجاز بعمر 17 سنة من اصعب لجنة في الاذاعة والتلفزيون مؤلفة من الاساتذة منذر جميل وباسم حنا بطرس وخضر إلياس وكانت أغنيته الشمس شمسي التي كتبها الشاعر كريم العراقي ، العلامة الفارقة في الاغنية الوطنية العراقية حتى  فازت كأجمل اغنية وطنية  في القرن العشرين في العام الفين ،

ليجعلنا امام حصيلة موسيقار من نوع مميز و امام تجربة متنوعة في الفن والثقافة والمسرح والشعر و حتى كتابة الشعر الشعبي ، منذ تأشير فوزه بجائزة افضل ممثل  مطلع السبعينات في محافظته كربلاء حين كانت النجف قضاء ً فيه !! وهو المتحدر منها و التي منحته الكثير من المثيرات الإبداعية بحكم مشهديتها والطقوس اليومية التي عاشها ذلك الفتى المسحور بالإبداع.

 جعفر ابن الاسرة الميسورة في مكانتها لا باموالها ، عاش جعفر حياة مترعة بتنوعات الفن بين النجف وبغداد ، بين مشاهد القباب المذهبة والأساطير التي تحكي قصص امتدّت لأكثر من الف عام ،، وهو ينهل من معين وإيقاع وشجن ملأ روحه و تشرب بإيقاعات الحزن واللوعة والجلد والنزيف المستمر في عواطفه الشجية كونه ابن بيئة ثرة ، وعوالم اعتادت أن تغسل شوارعها بالدموع والأحلام وتسير إيقاعاتها في القصائد واللوعة . ماذنب جعفر الصبي الموهوب الذي جاء إلى العاصمة  ليكمل دراسته ويسجل حضورا ً بين اقرانه وهو مشحونا ً بكل ذلك ( الغلو الإبداعي ) من اللوعة  والحنين والدموع .، على إيقاع مليئ بالشجن عشقه الجمهور  العراقي ..

لكنه وجد في بغداد عالماً ملونا آخر مزيجا ً من معرفة وتنوع بشري وتحديات حياتية وأصحاب بدأوا ولم ينتهوا في تناغمهم واحتفاءهم بذلك الفتى الموهوب الذي ادهش هذه المدينة وصفقت له و لنتاجه باستحقاق عال ،

مايميز جعفر احترامه لزملاء مهنته وتقديره للمواهب التي تنتج ويسمعها بآذان خاصة ووجدان حي ، وهو يدرك بانه قد تفوق على الكثيرين من جيله و أجيال أخرى لكنه يتحدث بإعجاب ومسؤولية عن رواد الكار الذي اختطه لنفسه امثال رضا علي وأحمد الخليل وطالب القرغولي وفاروق هلال و كوكب حمزة و كمال السيد ،، ويقف بإعجاب ومسؤولية وهو يترجم أعمالهم عند كتابة النوته التي يجيد صناعتها وخبرتها ومفرداتها ،،

سمعت من الكثير من الملحنين والمطربين الذين التقيتهم عن جعفر الموهبة الفذة والعواطف الشفافة والشجن العميق ، وادركت ان جعفر بحر اغترف منه الكثيرون ونالوا شهرة قد لايستحقها البعض من الجاحدين ، الذين صنع لهم اجمل ما غنوه ، وتميزوا به ،، وجعفر الطيب المتواضع الكريم يدعو لهم بالخير والنجاح والذكر الطيب ،

كم من الفنانين العراقيين أشباه جعفر الخفاف الذي صنع امجاد وقال كلمته وحلق بعيدا لينال حريته في الغربة التي لا تشكل لديه وطن ملهم كعراقه ،، لكن الظروف القاسية التي عاشتها البلاد في ضيقها وفي موجة العنف الاعمى جعلت من جعفر مهاجرا ً من اجل كرامته وفنه وأسرته وعيشه .. ليظل اينما كان مؤرقا ً للكثيرين من سراق ألحانه وناكري نعمة وقوفه معهم والأخذ بايديهم نحو الشهرة !!!

تحية لجعفر العراقي الأصيل في عطائه وفنه ..

جيل السبعينات والثمانينات يكاد يتلاشى في الغربة والحنين يسحقه العيش و التوق للحرية التي تعاني من عبث وصلف الأنظمة التي لا تقدر حرية الفن وقيمة الابداع .

المشـاهدات 41   تاريخ الإضافـة 25/06/2025   رقم المحتوى 64254
أضف تقييـم