
![]() |
هل عدم إعطاء الحقوق يُعد تكبرًا ؟ |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : معلوم أن القيم الإنسانية العليا تفرض مجموعة من المبادئ التي تنظم وتضبط سلوك الإنسان، وبه يُكَوَّن إطار التعامل؛ لحفظ حقوق الناس فيما بينهم، وعدم إنتهاك سور التعامل الإنساني. وفي مقابل ذلك، نشأ مجموعة من الصفات السلبية التي قد تلازم الشخص الذي لا يستطيع حمل القيم الإنسانية، وقد لا يعلم بانه يقوم بفعل نكره، بسبب الجهل، والعناد ومنها: التكبر والتعالي.ولكي نحدد إطار موضوع المقالة بالشكل الصحيح؛ لا بد من بيان المقصود بصفة التكبر. فمن خلال البحث في معاجم اللغة العربية؛ لاحظنا انها عرفت الكبر بانه: تكبَّرَ / تكبَّرَ على / تكبَّرَ عن يتكبَّر ، تكبُّرًا ، فهو مُتكَبِّر. تعظَّم وامتنع عن قبول الحقِّ معاندةٌ. وعرفه الامام الغزاليُّ رحمه الله: (هو استعظامُ النَّفسِ ورؤيةُ قَدْرِها فوقَ قَدْرِ الغَيرِ). لكن من وجهة نظرنا، ان خير تعريف لهذه الصفة هو: ما عرفه رسول الله، سيدنا خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم عندما قال: الكِبْر: بَطَر الحَق، وغَمْط الناسِ"وبالرجوع إلى معاجم اللغة العربية، لاحظنا أنها عرفت بطر الحق بأنه: إنكار الحق وعدم تقبله. أما الغمط تعني: الاحتقار، الاستصغار، النظر الى الناس بأنهم أدنى منه.وبناءً على ما تقدم، فإن إطار معرفة صفة التكبر لدى الإنسان تظهر في حالة عدم الاعتراف بالحق، سواء كان الحق مقرر في الشريعة، أو القانون، أو العرف الذي لا يخالف ما سبق، والتعامل مع الناس بإستعلاء وتحقير. ولتوضيح ما تقدم، نرتأي اعطاء بعض من الامثلة من الواقع لصفة التكبر لدى بعض الناس:-عدم إعطاء حق الوظيفة العامة، من القيام بالواجبات الموكلة إلى الموظف، يعد كبرًا.- التضيق على الناس في السلطة التقديرية التي أعطاها القانون للموظف يعد تكبرًا.-عدم إعطاء المدير حقوق الموظف المقرر وفق القانون، والسلطة التقديرية يعد تكبرًا .- عدم اتقان العمل يعد تكبرًا. وهنا نذكر الموظف والمدير بدعاء سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم قال : (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا، فرفق بهم فارفق به).- عدم استقبال الزبون بالترحيب والتقدير في المحل التجاري الذي قدم لشراء حاجة يعد كبرًا. والعكس كذلك من قبل الزبون.- غلق الشارع أو التضيق أمام الناس بحجة أنه يغسل السيارة، هو منع لحق أساسي وهو حق المرور، يعد تكبرًا.- عدم الالتزام بإشارة المرور تكبر؛ لأن الإشارة أقرت لتنظيم الحياة وهو واجب أن يلتزم به الجميع. - أن يرى الشخص بأنه أفضل من الناس، ويمشي باستعلاء قال تعالى (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ، وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ). آية (18) سورة لقمان.- عدم توريث البنت الميراث وحصره فقط بين الذكور، او الاستيلاء عليه من قبل احدهم، وهذا أبرز صفات التكبر لدى الشخص لانه يخالف شريعة الخالق، إذ قال تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) آية 11 سورة النساء.- عدم إعطاء حقوق الناس أيا ما كان، ومهما كان قيمته يعد تكبرا.- العناد صورة من صور التكبر لدى الإنسان، والعناد هو ضد الحق وجزاؤه (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ). - إزعاج الجار يعد من التكبر، لعدم احترام حق الجوار.- ومن ادق الامثلة على ان التكبر هو سبب لهلاك الشخص، ما ذكره خالقنا في محكم كتابه القران الكريم (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا (35) فالتكبر والعجب الذي كان في داخله واخرجه بالقول الى العالم، كانت عاقبته وخيمة ( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَىٰ مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (42). سورة الكهف. وطبعا هناك من الأمثلة الكثيرة عن التكبر لا تعد ولا تحصى، وكل شخص منا قد يستذكر واقعة حصلت معه أو مع غيره تشير إلى هذه الصفة غير المقبولة في الإنسانية، وببقائها سيتولد منه مشاكل اجتماعية وجرائم ومحاكم وسجون... وكم من شباب أهلكوا وتاهوا في السجون او تخفوا من العدالة... بسبب الكبر والغرور والفساد... فالتربية والتنشئة الصحيحة ونبذ صفة التكبر هو عماد المجتمع المستقر والأسرة المستقرة دون مشاكل.وبناءً على ما سبق، تبين لنا إطار صفة الإنسان المتكبر، الذي يرفضه القيم الإنسانية السليمة، والفطرة السليمة، وكذلك الخالق يرفضه قال تعالى ( إنه لا يحب المستكبرين) سورة النحل. اية 23. حاصل الكلام: في ما إذا أراد الشخص أن يعرف هل يوجد هذا المرض لديه أم لا ليطرح على نفسه سؤالين 1- هل منعت أحد من اخذ حقه؟ أو هل أخذت حق أحد بعلمه او دون علمه؟2 - وهل انظر للناس باستعلاء واحتقار؟فإذا كانت الإجابة بنعم؛ فليبادر إلى معالجة نفسه بتزكية نفسه من خلال التحلي بالقيم الانسانية، والصحبة الصالحة، وليعلم ان العلم والتكبر لا يجتمعان، بمعنى كلما كان الانسان لا يحمل من الادب والعلم كلما توجه الى الكبر؛ ليمنع رؤية جهله، ومرضه، فالمرض ليس فقط في جسد الإنسان (المرض البايولوجي)، فهناك مئات من الأمراض النفسية التي تحتاج إلى علاج، ومنها: التكبر. وإن كانت الإجابة بالنفي، فليحمد الله على نور البصيرة. |
المشـاهدات 116 تاريخ الإضافـة 29/06/2025 رقم المحتوى 64338 |