يُمثل شهر محرم الحرام بحد ذاته منارة قيمية فريدة لا سيما مع تجلياته الإنسانية العميقة في إحياء ذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام). إنها ليست مجرد مناسبة تاريخية بل هي ملتقى سنوي تتجلى فيه اسمى معاني التلاحم الإنساني وتتجدد فيه المبادئ السامية التي خطها الحسين (عليه السلام) بدمه الطاهر ففي هذه الأيام تتجاوز الشعائر مجرد الطقوس لتصبح محفزا للتأمل في جوهر السلوك البشري داعيةً كل من يؤمن بالحسين قائدا او مصلحا او حتى شخصية تاريخية مُنصفة إلى مراجعة الذات قبل أي شيء آخر.

محرم: دعوة لتصحيح المسار البشري

في ايام محرم الحرام الأخيرة حيث تبلغ ذروة التضحية والفداء التي جسدها الإمام الحسين (عليه السلام) يصبح لزاما على البشرية خاصةً اولئك الذين استلهموا من نبل سيرته أن يعيدوا النظر في سلوكياتهم الفردية والجماعية. إنها فرصة سانحة لإعادة تقييم القيم التي تحكم حياتنا والسعي نحو ترسيخ معالم السلوك السوي الذي قوامه الصدق والتعاون والحب. هذه القيم ليست مجرد مفاهيم نظرية بل هي اللبنات الأساسية لمجتمع ينعم بالسلام والاستقرار.فلقد آن الأوان لكي يكون هذا النهج القيمي بديلاً عن التحارب المستمر والتنافس غير السوي والنزاعات التي مزقت أوصال الإنسانية. يجب أن يسود الحب بدلاً من الكراهية التي تستعر في النفوس وأن يحل الصدق محل التلون والأنانية التي تشوه العلاقات الإنسانية. إن الحسين (عليه السلام) لم يقم بثورته ليورثنا الكراهية بل ليغرس فينا بذور المحبة والتضحية في سبيل الحق.

نبل الحسين: أساس لمستقبل إنساني أفضل

لقد حان الوقت لكي يعم نبل الحسين (عليه السلام) وشموخ مبادئه عمليا ليحل محل الكره والعداء الذي سعى جاهداً للانقضاض على مشروع السبط الشهيد. مشروع الحسين هو مشروع إصلاحي بامتياز يهدف إلى إعلاء كلمة الحق والعدل وتثبيت قيم الكرامة والحرية إن محرم يدعونا إلى تجاوز الخلافات والفرقة والتوحد حول المبادئ الإنسانية المشتركة التي دعا إليها الإمام الحسين (عليه السلام). ففي تلاحمنا وتكاتفنا وفي سعينا نحو التغيير الإيجابي في سلوكياتنا يكمن الانتصار الحقيقي لنهج الحسين وتحقيق الهدف الأسمى لثورته المقدسة: بناء عالم تسوده المحبة والعدل والسلام.فمحرم الحرام بتضحياته الجسام يستحق ان يكون ليس فقط ذكرى بل نقطة تحول حقيقية في مسيرتنا نحو الإنسانية الكاملة؟