النـص :
على مدار عقود من الزمن صدّع رؤوسنا الغرب بادعائه أنه الراعي الرسمي لحقوق الإنسان في العالم، إلا أن حرب غزة كشفت كذب هذه المزاعم وإنها مجرد شعارات خُدعت بها دول وشعوب العرب والمسلمين لمدة طويلة من الزمن، فحرب الإبادة الجماعية الدموية التي شنتها الألة العسكرية الصهيونية في 7 تشرين الأول/ اكتوبر عام 2023 على قطاع غزة بسلاح ودعم مادي وسياسي ومعنوي أمريكي وأوربي، ووقوف أمريكا بشكل علني وصريح مع الكيان الصهيوني اللقيط بكل ما تملك عسكرياً وسياسياً واستخدامها حق النقض الفيتو لصالح هذا الكيان في مناسبات عديدة. ثم دعم الغرب وأمريكا للكيان الصهيوني في حصاره لأهل غزة، هذا الحصار البشع القاسي الذي بات يهدد حياة ما يقارب من نصف مليون إنسان، حيث يقضم الجوع في غزة الأجساد المتعبة فيقربها إلى الموت زلفى، جوع يقتل كما تفعل الحرب، فغزة تتفاقم معاناتها بين القصف والمجاعة، ورغم اشتداد المجاعة وكثرة التحذيرات التي رفعتها المنظمات المحلية والدولية، وخصوصاً اليونيسيف التي اعتبرت أن قرابة نصف مليون من سكان غزة وصلوا إلى المرحلة الخامسة على سلم المجاعة الكارثية، وسط التواطئ المفضوح من قبل الغرب وأمريكا -رعاة حقوق الإنسان كذباً وزوراً- وسكوت مذل ومخزي من قبل حكام الدول العربية والإسلامية تجاه هذه الإبادة الجماعية بسلاح فتاك وهو سلاح الحصار والجوع والحرمان، هذا السلاح الذي يفوق تأثيره تأثير الحديد والنار، فكل أب وأم يتمنى الموت الف مرة في اليوم على أن يرى طفله يتضور جوعاً، فسلاح الجوع هو سلاح للموت البطيء وهو أقذر أنواع الأسلحة، إن أهل غزة يموتون جوعاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، هذه الكلمة التي نرددها نحن كثيراً على سبيل المجاز عندما نشعر بالجوع فيقول أحدنا أنا ميت من الجوع، أما أهل غزة فهذه العبارة طبقت عليهم حقيقةً لا مجازاً، فهناك في غزة من الأطفال ما يقرب من 71 ألف طفل يواجهون خطر الموت جوعاً، ويتطلب إنقاذهم إيصال مساعدات سريعة وعاجلة لمواجهة هذه الكارثة التي تهدد حياتهم، حيث صارت الضلوع ضاوية، والعظام بالية، والأرواح كادت أن تبلغ الحلقوم، فصورهم على هذه الحالة صارت أبرز الصور التي تنقلها لنا يومياً وسائل الإعلام من هناك، فماسأة أهل غزة وهم يواجهون مجاعة حقيقية حسب اليونيسيف تزداد يوماً بعد يوم، فأهل غزة يعيشون في أوضاع إنسانية كارثية ومأساوية في ظل مجاعة متفاقمة، وسياسة القتل والدمار والتجويع والحصار التي لا يعرف لها نظير في التاريخ الحديث باعتراف الأمين العام للأمم المتحدة في اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء الماضي، والذي قال أيضاً أنه توفي 21 طفلاً بسبب سوء التغذية والمجاعة في مختلف مناطق قطاع غزة خلال 72 ساعة فقط!! في حين قالت وزارة الصحة الفلسطينية يوم الثلاثاء الماضي أن عدد الوفيات جراء المجاعة في القطاع وصل إلى 101 بينهم 80 طفلاً!! إن سياسة القتل والتجويع والحصار التي ترتكب ضد أهل غزة قد كشفت لنا أن إنسانية الغرب اكذوبة، وهي مجرد ادعاء وشعارات تبجحت به دول الغرب، وخدعت به شعوبنا ردحاً من الزمن حتى كشفت أحداث غزة هذا الكذب وأظهرت زيف هذا الادعاء، وأسقطت هذه الشعارات، فلم يعد أحد منا يقتنع بإنسانية الغرب ودفاعه عن حقوق الإنسان وحريته، ولم تعد قوانينه الدولية في ذلك مصدر للإعجاب والثناء والإشادة بعد أن بان كذبها وظهر زيفها، فالغرب وعلى رأسه أمريكا والدول الأوربية الكبرى تتحمل مسؤولية هذه الكارثة التي تحل بأهل غزة يشاركهم في ذلك حكام العرب والمسلمين الذين بان خوارهم، وظهر ذلهم وهوانهم وتخاذلهم أمام شعوبهم قبل الغير، فهم يتحملون مع الكيان الصهيوني اللقيط والغرب وأمريكا مثلاً بمثل وسواء بسواء مسؤولية موت كل إنسان في غزة قتلاً أو جوعاً، فبكاء أطفال غزة، وتضورهم جوعاً وموتهم بسبب ذلك فضح اكذوبة انسانية الغرب وأنها مجرد ادعاءات وشعارات تضرب عرض الحائط إذا ما تعارضت مع المصالح!!
|