الدكتور ابراهيم نعمة

‏أصدر الكاتب المسرحي عادل درويش مسرحتين للفتيان عام ٢٠٢٤ هما (صاحب السعادة ولقلق بغداد)

‏وفي عام  ٢٠٢٥ أصدر أيضا مسرحيتين هما (القحصخون و جلد الأسد) وقد هدف الكاتب من خلال هذه النصوص التركيز على الموروث الشعبي العراقي الذي بدأ في الانحسار وخاصة لدى الجيل الجديد، وكذلك التركيز على القيم العربية الأصيلة التي تدعو إلى الخير والمحبة والسلام وتنبذ الكراهية والظلم والاستبداد.

‏ويمكن تلخيص مسرحية لقلق بغداد بأن أحداثها تدور في بغداد في القرون الوسطى وشخصياتها ليست حقيقية بل هي من خيال الكاتب فهي تسلط الضوء على أمير المدينة وهو شاب ذو أخلاق رفيعة وصاحب مبادئ تلتزم بالعدل والمساواة وترفض الظلم والإستغلال . وبعد نشره العدل بين الحيوانات والطيور، لكن هذه المهمة تحتاج إلى تعليم لغة الطيور لكي يفهم ما تريد وفي المقابل توجد شخصية أخيه جسار وهو شخص ظالم أناني يفكر بمصالحه الشخصية فقط ولا تهمه أمور الرعية وعندما يعلم جسار بأن أخيه الأمير يرغب في تعلم لغة الطير يتفق مع أحد السحرة لإحضار مستلزمات السحر كي يحتال على الأمير ويحوله إلى طائر اللقلق بهدف التخلص من أخيه والسيطرة على الإمارة وفعلا يتحقق ذلك ويستلم جسار أمور الرعية وتتغير طبيعة حياة الناس من العدل والاستقرار إلى الظلم والطغيان والأمير (اللقلق) يراقب الحال لكنه لا يستطيع العودة إلى طبيعته البشرية، وتحصل له والى الوزير مفارقات كثيرة نتيجة تحولهم إلى طائرين (لقالق) وبعد معاناة طويلة يكتشفون مكان الساحر الذي حولهم إلى طيور وبالاستعانة بالخيرين يتم إجبار الساحر على ارجاعهم إلى طبيعتهم البشرية ويعود الأمير والوزير إلى القصر وبمساعدة الحارس والمواطنين يتم نفي جسار إلى جزيرة بعيدة ويعود العدل والاستقرار كما كان وحاول الكاتب بث مجموعة من القيم الأصيلة ضمن الصراع بين الشخصيات مثل قيمة العدل والمساواة والتعاون والمحبة والسعادة والثقة بالنفس ونصرة المظلوم وطرد الفاسدين.

‏اما النص الثاني (القصخون) فهو يركز على قيمة العلم والسعي للحصول عليه من أجل بناء الإنسان والمجتمع، وهذه القيم أصبحت جميع دول العالم تسعى لترسيخهامن أجل النهوض بالتنمية المستدامة التي يمكن أن تحقق النجاح في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والاجتماعية.

‏تدور أحداث المسرحية في أكثر من مكان وتم كتابتها بأسلوب يشبه كتابة السيناريو السينمائي وذلك للتعدد الأماكن والشخصيات. في الأحداث تبدأ من قاعة الدرس حيث يطلب المعلم من كل تلميذ كتابة حكاية لها قيمة اجتماعية والتلميذ أمير لا يستطيع أن يكتب حكاية بالرغم من أن والدتة تسرد له حكايات من ألف ليلة وليلة كل يوم، ومع هذا يمنح المعلم فرصة لمدة أسبوع كي يختار الحكاية المناسبة ويعرضها على التلاميذ في مادة الإنشاء يعود التلميذ أمير إلى البيت ويقص الحادثة إلى والدته ويحاول الوالد طمئنته يأخذه إلى مقهى نعمان المتواجد فيه القصخون أو الحكواتي كي يستمع أمير إلى حكايه وان ينقلها إلى التلاميذ لكن أمير يجده مقهى مهجور لأن صاحبه ترك البلاد وهاجر وترك زوجته وطفلها وحيدين والزوجة تقرر غلق المقهى ومنع الناس من الاستماع للحكايات لكن الصبي أمير يبدأ رحلة البحث عن القصخون في طريق المخاطرة بين الغابات والوحوش والأنهار إلى أن يلتقي بالقصخون ويعطيه كتاب فيه حكايات بشرط أن ينشر هذه الحكايات إلى التلاميذ وبعد الانتهاء من الكتاب يزوده بكتاب آخر لنشر الثقافة لدى المجتمع، ويعود أمير فرحان بحصوله على هذا الكتاب وفي اليوم التالي يسرد الحكايات على زملائه ويفرح المعلم والتلاميذ بهذه الحكايات لكن احد التلاميذ (رامي) يسرق الكتاب من أمير ويتضح أن رامي هو ابن نعمان صاحب المقهى، ويسلم رامي الكتاب إلى والدته التي تمارس السحر وتخفي الكلمات من الصفحات بهدف عدم نشر المعرفة للناس، لكن حضور القصخون  ووالد أمير وأمير يقومون بإقناع أم رامي للعدول عن سلوكها هذا وأعاده الكتاب إلى حالته الطبيعية وبعد مراجعة للنفس تحاول أم رامي إصلاح الخطأ وأعاده الحروف إلى الكتاب رمز للعلم والمعرفة.

‏إن هذه النصوص يمكن أن تساهم في تصحيح وعي الأطفال والفتيان الذين تاثروا كثيرا بالثقافة الوافدة من الخارج والتي تحاول مسح الذاكرة الجمعية واستبدالها بثقافة العولمة التي مسخت الثقافات المحلية لمعظم الدول ورسخت القيم المادية على حساب القيم الروحية لكن هاهو عادل درويش يحاول إعادة التوازن بين الثقافة المحلية والثقافة العالمية.