بات من الواضح أن المسار الأحادي مسيطر تماما على. المشهد في العراق فلا حديث بالشارع الرياضي سوى كرة القدم ولا صوت يعلو عليها

نسينا كل شيء وكأنها سجنتنا واصدرت حكما علينا

كرة القدم في العراق تحظى بميزانيات ضخمة، ودعم إعلامي واسع، واهتمام جماهيري لا مثيل له. لا يكاد يخلو يوم من خبر أو نقاش رياضي لا يتناول قضية تخص دوري النخبة، أو المنتخب الوطني، أو انتقالات اللاعبين، أو خلافات الأندية. في المقابل، نجد ألعابًا أخرى تعاني الإهمال، وضعف التمويل، وغياب الدعم المؤسسي.

الرياضات الفردية مثل رفع الأثقال، وألعاب القوى، والمصارعة، والسباحة، كانت في يومٍ ما مصدر فخر للعراق في المحافل الإقليمية والدولية، لكن اليوم تغيب عن المشهد بسبب تراجع الدعم والاهتمام. والأنكى من ذلك، أن بعض الأبطال في هذه الألعاب باتوا يمولون تدريباتهم من جيوبهم الخاصة، في ظل غياب الرعاية الحكومية أو الخاصة.

أما الرياضة النسوية، فلا تزال تعاني من التهميش، سواء من حيث التغطية أو التمويل أو البنية التحتية، رغم وجود طاقات نسوية واعدة قادرة على تمثيل العراق بشكل مشرّف. ويأتي الرياضة المدرسية أيضًا ضحية لهذا الانحسار، بعد أن كانت يومًا ما الرافد الأساسي لاكتشاف المواهب وصقلها.

المشكلة لا تكمن فقط في التركيز الإعلامي أو الجماهيري، بل في السياسات الرياضية العليا التي لا تولي بقية الألعاب الأولمبية والجماعية الاهتمام الكافي. فالاتحادات الرياضية تعاني من ضعف التنظيم، وقلة الموارد، وغياب خطط التطوير طويلة الأمد.

لا أحد ينكر أن كرة القدم هي الرياضة الأولى عالميًا، وأن لها سحرها الخاص، ولكن لا يمكن أن تُختزل الرياضة العراقية كلها في لعبة واحدة. لا يمكن بناء مجتمع رياضي صحي بدون تنوع، ولا يمكن حصد الميداليات ورفع العلم العراقي في الأولمبياد والبطولات الكبرى إذا استمرت هذه النظرة الضيقة.

الرياضة العراقية بحاجة إلى مراجعة شاملة، تعيد الاعتبار للتعدد والتنوع، وتضمن عدالة التوزيع في الدعم والاهتمام. لا بد من إعادة إحياء الرياضة المدرسية، وبناء بنى تحتية شاملة لكل الألعاب، وتشجيع الاستثمار الرياضي في مختلف الاتجاهات. فقط حينها يمكن أن نقول إن الرياضة العراقية تنهض حقًا، لا بكرة القدم فقط، بل بكل أبنائها ومجالاتها.