
![]() |
المجموعة الشعرية صديقي الأمل استغراقاتٌ شعريّة في أقاصي الوجع الإنساني |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
أياد خضير
كما هو معروف في المنهجيات النقدية الحديثة بأن العنوان هو القبلة التي ننطلق منها للولوج إلى النص، وهو تكثيف لمعانيه والوصول إلى دلالاته من قبل القارئ، العنوان يحمل كلمة الأمل دلالة على أن الشاعر متفائل وأتخذ الأمل صديقاً حميماً له، يقال أن الأمل شيء خطير من الممكن يقود الإنسانإلى الجنون، ويقال الأمل شيء جيد وجميل ومن الممكن ان يكون أفضل الأشياء والشيء الجيد الجميل لا يموت .. العنوان صديقي الأمل هو إحدى قصائد المجموعة للشاعر منذر عبد الحر .. قصيدة صديقي الأمل ( أيتها الكذبةَ البيضاء / كأنها خصلة شيب / أيها الأمل / لا تفتح بابك / لصبي مثلي / قد يراك بدراً / في سمائه / فينسى نفسه في حلم / الوصول إليك / على بساط وهم / أيها المبتلى بنا / الخادع لصباحاتنا / ياصانع المسرة / من خيوط المحن / أيها الحصان الجامح / لولاك .. / ما طفنا العالم / على قشةِ / ونحن نضحك ) ص 64
يقول الشاعر منذر عبد الحر، سحر الشهادة في التجربة ( لايستدل الشاعر على ذاته إلا من خلال الشعر، الشعر وحده، قوة البوح تكمن فيه، ورقة العاطفة تأخذ منه ملامحها، وعيون الوجدان تنظر إليه، وتترقب في فضائه، لذلك يرتبك الشاعر فقط أمام مرآة قصيدته. هكذا أرى !!)ص5 يتحدث الشاعر عن تجربته الشعرية، فهو من جيل أطلق عليه تسمية جيل الثمانينات، عن بداياته، وكيف أصيب بالإحباط عندما عرف أخطاءه الفنية وتعرضه للنقد، لكن بمرور الزمن استطاع تجاوزها، فما الشعر لديه الا هاجساً عذباً ومعذباً معاً، أصر على المواصلة ونشر قصائده كانت قصائد البدايات ... أغنية إلى المعهد الفني في الناصرية والى محمد حياوي وعباس داخل حسن وحسن عبد الغني وهيثم الحاسم ووو. ( كنت أريق النهر وراءك حين تغيبين وأكبل كل ثواني ثرثرة العطر بقلبي كنت أطير بأجنحة من فرح أن خطفت أطياف حنين آه... ياعطر النرجس والجوري وطعم التين ! ) ص11
قصيدة حدائق التتر للشاعر منذر عبد الحر، قصيدة ذا أهمية خاصة فهي تحمل طاقات إيحائية مغايرة ودينامية متوترة وفيها وهج دلالي متدفق من خلال الصياغة المعمارية الشعرية وحيوية المفردات واختزالاتها لكم من المعاني لذا سأغور في تفاصيلها وأكشف مغازيها، لأنها قصيدة طويلة في متنها قلق، وشجن، وعذاب، وهي تحمل خطاباً ثورياً جاء عنوانها من مقطعين، حدائق التتر فيها رمزية عالية، صورة الحدائق واضحة لنا بخضرتها وورودها، ولما تكون للتتر تنعكس الصورة، تعبر عن الخراب والدمار، حدائق خربة مدمرة نحسها من خلال الكلمات التي جاءت بعد العنوان ( مقاطع من يوميات المحنة ) الخيبات التي يمر بها الشاعر والغربة وهي ظاهرة بارزة من الظواهر الإنسانية التي يمر بها الإنسانالأديبأو الشاعر فهي ليست غربة الأنا بل غربة الذات الجماعية .. ( تسلقت جداراً من الخوف / رأيت حراساً / يقودون أغنيات سجينةً / رأيت بلادا عمياء / تتكئ على عصا الموت / رأيت عراة / يبكون وهم يرقصون / الوطن عندهم / خرقةً بالية / عليها / أن تظل سوداء دائما ) ص72
ينقلنا الشاعر إلى صورة بشعة فالذهاب إلى المنزل وبالعكس إلى العمل يشاهد حرائق ومجهولون يطلقون الرصاص وأمهات لاطمات على الخدود، ثكلى يشعرك بعفونة الحياة، حياة بائسة مريرة. ( في جثة النهار ../ يجد الذهاب إلى منزله / صليبا أسمه الوقت / ويجد الذهاب إلى عمله / قتلى / ومجهولين يطلقون الرصاص / والعائد من ليل كسيح / لا يجد ألا وردا ذابلا / وأمهات ثكالى / في جثة النهار / تعفنت الحياة ) ص73
الشاعر يصرخ يذكر ساحة الطيران وموت الناس البسطاء الذين يسعون الى لقمة العيش، لا احد يرثيهم، هذا ظلم وخنوع، حدائق التتر كما ذكرت طويلة ألاأنها متماسكة كأنها جسد واحد ذات دلالات عديدة ومختلفة تمثل مساحة زمانية ومساحة مكانية فهي مقسمة إلى عدة أقسام ينتقل المتلقي بها من أيقونة سيميائية وموسيقى ترسم لنا صدق المعاناة التي يحملها الشاعر ليقول لنا بان القصيدة ( حدائق التتر ) حمالة أوجه فهي قصيدة مسبوكة المعنى، رائعة، معبرة عن الغضب .. ( على أرصفة ساحة الطيران / يبحثون عن رغيف لأبنائهم / يأتيهم الموت / مغرياً إياهم بفرصة عمل / ترسلهم الى أهاليهم نثاراً / فقراء ... / منسيون / لا أحد يرثيهم / يدخلون غابة الموت خجلين / هم ... / أبناء الخسارات ) ص88
الشاعر يجعلنا نغوص أكثر في دهاليز القصيدة، لان القراءة لها دور وأهمية فكرية وأخلاقية كما الغذاء لا تقل عن أهميته فهي غذاء فكري حتى نملك الجرأة والشجاعة في مصارعة معاناة الحياة .. مئات الضحايا يبقون بدون شاهدة على قبورهم في الطب العدلي، الشعر ضرورة للتعبير عن المواقف المأساوية الكثيرة .. ( من الأقاصي جاء الرجال يبحثون في الطب العدلي عن جثث أبنائهم تلك التي وجدها عمال التنظيف في المزابل الرجال القادمون يحملون صوراً يعرضونها كي يستدلوا على أبنائهم أؤلئك الذين غزا النمل أجسادهم ) ص86
الشعر ثقافة وتاريخ، الشاعر منذر عبد الحر ينقل لنا صوراً مختلفة في كل مجالات الحياة، صورة وصوت وحركة يبث فيها الإحساس المتقلب حسب الصورة التي ينقلها لنا، وهذا فن صعب بحد ذاته، لأنه الولوج الى داخل النفس البشرية يهز المشاعر طالما المتلقي منسجماً في قراءة النصوص ... ( يفرش لنا الجوع / بساطاً ملوناً / نأخذ فيه قيلولتنا / نحن ... / النازلين من منقار غراب / الفتنة جمعتنا / والقلق جعلنا ثرثارين / نبوح بكل شيء / لا أسرار تهددنا / ولم نخش فتح ضماداتنا ) ص85 كانت تجربة الشاعر منذر عبد الحر لحظة أدراك مباشر مع النصوص التي يكتبها، شعور مغمور بالقلق والضياع لان الشعر متصل بحاجة الناس للعاطفة والشعور والانفعال متقمصاً الصور الإبداعية حزناً وفرحاً، أغلب قصائد الديوان أستذكارات إلى الأصدقاء ومراثي وأوجاع يتغنى بالبصرة الفيحاء والجلوس في مقهى حسن عجمي واللهو بالحوار والسخرية، كانت تجربته تحمل الآلام والتشظي الذي أصاب الأصدقاء عندما بدأت الحرب، قسم منهم فارق الحياة ... يذكر أن الديوان صدر عن دار الجواهري للطباعة والنشر بواقع 100 صفحة من الحجم المتوسط. |
المشـاهدات 37 تاريخ الإضافـة 15/08/2025 رقم المحتوى 65678 |