على طاولة قمة ألاسكا الباردة  توضع الوجبات الساخنة ،فهي نقطة التقاء روسيا وأمريكا ، او لقاء الشرق والغرب ، فهي تقع شرق روسيا وغرب الولايات المتحدة .

هناك في ركن مغلق جلس رجل الصفقات  الذكي ، والمفاوض الذي يصفه مؤيدوه بأنه مفاوض من العيار الثقيل "  دونالد ترامب" ورجل المخابرات المخضرم ، ذو النفس الطويل  "فلاديمير بوتين"  جلسا وبينهما  مسافة أقصر من المسافة الفاصلة بين طموحاتهم ومخاوف العالم، كان اللوحة الخلفية تشير الى “السعي نحو السلام”، لكن لغة الجسد تقول إن الاجتماع يسعى أولاً لإعادة رسم خرائط النفوذ، وتقاسم العالم من جديد، ولا مكان  للضعفاء .

جلسا وهما لا يسمعان سوى ما يريدان. ان يسمعاه من بعضهم البعض ، دون إكتراث لما تقوله اوربا حول أوكرانيا .

بوتين،  المتمرس في لعبة التمويه ، و بملامح لاعب  محترف يعرف كيف يقتنص الفرصة ، يضع كفيه معاً كمن يخفي ورقة رابحة في مفاوضات غير مكتوبة.

الرئيس ترامب، الحالم  بجائزة نوبل للسلام، رغم الدماء التي تلطخ يداه ، ورغم صرخات الجياع في غزة ، يظهر بثوب السياسة الممزوج بعقلية الصفقة، يحدق إلى الأمام وكأن عينيه تزن اللحظة بميزان الذهب.

حملت الطاولة  الصغيرة التي امامها  ملفات بحجم العالم. وبثقل الكرة الأرضية : من أوكرانيا إلى الطاقة، ومن العقوبات إلى الجليد السياسي الذي يذوب ببطء.

الأعلام في الخلف تقف متقابلة كخصمين في حلبة صامتة، بينما المساعدون على الأطراف يتبادلون النظرات ويكتبون ملاحظات قد تصبح غداً وثائق تاريخية أو أدلة في تحقيقات كواليس السياسة.

في المشهد، لا يوجد “سلام” بريء… بل مساومة تحت الضوء وعدّة صفقات في الظل، وكأن العالم على وشك أن يشهد اتفاقاً يوقّع بالحبر أمام الكاميرات ويُكتب بالدم في أماكن أخرى.

 وحينها سنترجم على سايكس بيكو او حتى وعد بلفور .

 في ظل هذا المشهد  يرتفع صوت "النتن " ليعلن خارطة اسرائيل الكبرى ، وكأن هذا الاعلان، هو مقدمة لما سيكتب على طاولة ألاسكا الباردة .

ترامب الذي يرتدي ثوب رجل المطافئ ، يرى ان حريق على وشك ان ترتفع اواره في لبنان ،لكنه يغمض عينيه ، وكأنه يقول في قرارة نفسه ، " ما اجمل ان نجلس على التل. وترى أعداؤك يقتل بعضهم بعضا "  وبوتين الذي وجد الفرصة سانحة لان يفرض ما يريد بعد سنين من الحرب مع أوكرانيا ، وبمعزل عن  زيلينسكي الممثل الكوميدي ، الذي ادى دوراً. تافهاً في مسرحية لكاتب فاشل .

ألاسكا فيما إذا نجحت  ستشهد تحولاً كبيراً في سوق الطاقة ، وانخفاض حاد في اسعار النفط.

وستكون وجبات  ألاسكا شهية للجالسين على الطاولة ، لكنها غير محببة للسامعين .