
![]() |
نحن عراقيون أولاً |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : بين الاعتزاز بالانتماء الطبيعي وبين الغرق في التعصب فاصل شاسع؛ الاعتزاز يفتح الأبواب للحوار والاختلاف والتكامل، بينما التعصب يغلق النوافذ ويحوّل التنوع إلى ساحة صراع. حين يكون الانتماء صحياً، فهو لا يلغي المختلف ولا يسعى لمحو الآخر، لكن حين يتحول إلى تعصب مذهبي أو أيديولوجي، يصبح سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع.
التعصب ليس دينيّاً فقط. كما نجد شيخاً يلقّن أتباعه أن النص هو الحياة، نجد رفيقاً حزبياً يلقّنهم أن البيان هو الحقيقة. هنا تسمى الطاعة "إيماناً"، وهناك تسمى "انضباطاً"، لكن جوهرهما واحد: عقلية مغلقة تستمد قوتها من التلقين لا من التفكير، ومن الإلغاء لا من الاعتراف.
كلاهما يعيش في زمن متخيّل. الطائفي المذهبي يحلم بالعودة إلى "السلف"، والطائفي السياسي يتوق إلى "لحظة التأسيس". الماضي عندهما معبد مقدس، والحاضر عورة يجب إلغاؤها، والمستقبل مجرد نسخة من أسطورة قديمة. وهكذا يصبح الواقع مجرد ظل للنص، وتتحول الحياة إلى نسخة باهتة من حلم متحجر.
إنهم يختلفون في الشعارات ويتفقون في النتيجة: القاتل باسم الدين يبرر الموت بفتوى، والقاتل باسم الأيديولوجيا يبرره بقرار حزبي. هنا يسمى القتل "جهاداً"، وهناك "ثورة"، لكن النتيجة دم واحد يسيل على أرض واحدة.
ووسط هذا الصراع الوهمي، يدخل المستبد أو المحتل من الشقوق، فيسحق الجميع معاً، ويحوّلنا إلى قطيع ضائع في صحراء الأوهام، نبحث عن أسباب بعيدة ونهمل أصل الداء.
الحياة ليست مرثية للماضي ولا انتظاراً لمستقبل متخيل. كل يوم زمن تأسيس جديد، وكل اختلاف فرصة للتجدد لا مبرراً للإقصاء. نحن لسنا طوائف ولا أحزاباً ولا شعارات جامدة. نحن بشر أولاً، وعراقيون أولاً، ووحده هذا الإدراك يمكن أن ينقذنا من أسر النصوص المغلقة ومن لعنة الانتماءات القاتلة. |
المشـاهدات 49 تاريخ الإضافـة 20/08/2025 رقم المحتوى 65811 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |