الثلاثاء 2025/9/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 33.95 مئويـة
نيوز بار
الحياء عند المسلمين
الحياء عند المسلمين
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

سامي ندا جاسم الدوري

حياءك فاحفظه عليك وإنما

يدل على فعل الكريم حياؤه

الحياء علامة تدل على ما في النفس من الخير وهو إمارة صادقة على طبيعة الإنسان فيكشف عن مقدار بيانه وأدبه. فعندما ترى إنساناً يشمئز ويتحرج عن فعل ما لا ينبغي فاعلم أن فيه خيراً وإيماناً بقدر ما فيه من ترك للقبائح. والحياء خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس المحمودة التي تستلزم الأنصراف من القبائح وتركها وهو من أفضل صفات النفس وأجلها وهو من خلق الكرام وسمة أهل المرؤة والفضل. ومن الحكم التي قيلت في شأن الحياء: ( من كساه الحياء ثوبه لم يرَ الناس عيبه) . وقال الشاعر:

ورب قبيحة ما حال بيني

وبين ركوبها إلا الحياء

لذلك فعندما نرى إنساناً لا يكترث ولا يبالي فيما يبدر منه من مظهره أو قوله أو حركاته يكون سبب ذلك قلة حيائه وضعف إيمانه كما جاء في الحديث( إذا لم تستح فافعل ما شئت ) . وقد قال الشاعر:

إذا رزق الفتى وجهاً وقاحاً

تقلب في الأمور كما يشاء

فمالك في معاتبة الذي لا

حيــاء لوجهه إلا العناء

والحياء من الأخلاق الرفيعة التي أمر بها الإسلام وأقرها ورغب فيها.وقال صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع وسبعون شعبه فأفضلها لا إله إلا اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) .والسر في كون الحياء من الإيمان لأن كل منهما داع إلى الخير مُقرب منه صارف عن الشر مُبعد عنه، فالإيمان يبعث المؤمن على فعل الطاعات وترك المعاصي والمنكرات . والحياء يمنع صاحبه من التفريط في حق الله والتقصير في شكره. ويمنع صاحبه كذلك من فعل القبيح أو قوله اتقاء الذم والملامة. فالحياء ملازم للعبد المؤمن كالظل لصاحبه لأنه جزء من عقيدته وإيمانه ومن هنا كان الحياء خيراً ولا يأتي إلا بالخير، وقال صلى الله عليه وسلم (الحياء لا يأتي إلا بخير ).وصدق الشاعر حين قال:

فتاة اليوم ضيعت الصوابا

وألقــت عـن مفاتنا الحجابا

فلن تخشى حياءٌ من رقيب

ولم تخشى مــن الله الحسابا

إذا سارت بدا ساق وردف

ولو جلست ترى العجب العجابا

بربك هل سألت العقل يوماً

أهذا طبــع من رام الصوابا

أهذا طبع طالبـــة لعلم

إلى الإســلام تنتسب إنتساباً

ما كان التقدم صبـغ وجه

وما كــان السـفور إليه باباً

شباب اليوم يا أختي ذئاب

وطبع الحمل أن يخشى الذئاب

أما انقباض النفس عن الفضائل والإنصراف عنها فلا يسمى حياء. فخلق الحياء في المسلم غير مانع له من أن يقول حقاً أو يطلب علماً أو يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر. فإذا منع العبد عن فعل ذلك باعث داخلي فليس هو حياء وإنما هو ضعف إيمانه وجبنه عن قول الحق: (وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ) . فهذا النبي مع شدة حيائه إلا أنه لم يكن يسكت عن قول الحق بل كان يغضب غضباً شديداً إذا انتهكت محارم الله .فالحياء لا يمنع من الإستفسار والسؤال عما جهل من أمور الدين وما يجب عليه معرفته وقد قيل( لا يتعلم العلم مستكبر ولا مستح). ومن الناس من يتساهل في إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحجة أنه يستحي من الإنكار على الناس. ومن ذلك ما يفعله بعض الناس من مجاملة بعضهم لبعض في سماع الغيبة أو سماع أي من المنكرات أو رؤيتها، ونحوها فهذا جبن مذموم كل الذم وصاحبه شريك في الإثم إن لم ينكر أو يفارقهم. والله عز وجل قال: (كُنتُم خَير اُمةٍ أخرِجت لِلنّاسِ تَأمرونَ بالمَعروف وَتَنهُونَ عَنِ المُنكرِ وَتُؤمِنُونَ باللّه ). وقد حذرنا رسول الله من التساهل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال( والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه ثم تدعوه فلا يستجاب لكم) .وينقسم الحياء من حيث الأصل إلى قسمين حياء فطري غريزي، وحياء مكتسب. وفي مجال التربية فإن المتربي قد يكون في بدايته لا يملك حياء غريزياً أو أن عنده حياءاً غريزياً ناقصاً ثم ينشأ في جو ينمي بواعث الحياء في قلبة ويدله على خصال الحياء فإن هذا المتربى سيكتسب الحياء شيئاً فشيئاً ويقوى الحياء فى قلبه بالتوجيه والتربيه حتى يصبح الحياء خلقاً ملازماً له، وقد قال بعض الحكماء ( احيو الحياء بمجالسة من يستحيا منه ) وهذا الكلام بديع المعنى بعيد الفقه حيث أن كثرة مجالسة من لا يستحيا منه لوضاعته أو حقارته أو قلة قدره ومروءته تخلق في النفس نوع التجانس معهم ثم إن قلة قدرهم عنده تجعلة لا يستحي منهم فيصنع ما يشاء بحضرة هذه الجماعة فيضعف عنده خصلة الحياء شيئاً فشيئاً فيتعود أن يصنع ما يشاء أمام الناس جميعاً. أما مجالسة من يستحيا منه لصلاحهم وعلو قدرهم فأنها تحيي في القلب الحياء فيظل الإنسان يراقب أفعاله وأقواله قبل صدورها حياء ممن يجالسه فيكون هذا خلقاً له ملازماً فتتعود نفسه إتيان الخصال المحمودة ومجانية وكراهية الخصال المذمومة وأن مجالس الأخيار تقوي الحياء المكتسب وتنميه، أما مجالسة الأرذال فإنها تحول بين العبد وبين اكتساب الحياء.

المشـاهدات 61   تاريخ الإضافـة 06/09/2025   رقم المحتوى 66400
أضف تقييـم