الخميس 2025/10/9 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
نيوز بار
مهرجان إيزيس الدولي بدورته الثالثة..عروض وتجارب نسوية متجدّدة
مهرجان إيزيس الدولي بدورته الثالثة..عروض وتجارب نسوية متجدّدة
مسرح
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

وائل سعيد

 

"إيزيس"، مهرجان نوعي وليد، يهتم بمسرح المرأة، انطلقت دورته الأولى عام 2021 بتنظيم مؤسسة "جارة القمر"، إحدى مؤسسات المجتمع المدني، وبرعاية وزارة الثقافة المصرية وعدد من الجهات والهيئات المختلفة. من جديد، يعود المهرجان في نسخته الثالثة والتي تحمل اسم الفنانة سميحة أيوب، سيدة المسرح العربي، التي رحلت عن عالمنا في الثالث من حزيران/ يونيو الماضي بعد مسيرة حافلة في بلاط أبي الفنون. وقد احتشد برنامج الدورة الجديدة بعدد كبير من الفعاليات، دارت وقائعها على مدار ثمانية أيام، منذ الخامس والعشرين من أيلول/ سبتمبر وحتى الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري.شهدت خريطة الدورة الثالثة عددًا من المبادرات والمفاجآت المستحدثة، من بينها إطلاق "مسابقة فتحية العسال" للتأليف المسرحي في دورتها الأولى، تكريمًا للكاتبة والمناضلة التي ارتبطت إسهاماتها دومًا بقضايا المرأة. كما توزّعت فعاليات البرنامج بين ندوات فكرية وورش تدريبية، وشهادات ولقاءات مفتوحة مع المسرحيين، إلى جانب مسار العروض المسرحية الذي ضم 16 عرضًا من ست دول، مصرية وعربية ودولية، فضلًا عن عروض سينمائية وأخرى جماعية غنائية، ضمن برنامج الفنون المجتمعية، من شأن هذه الإضافات أن تُكسب الدورة الثالثة شخصية خاصة تميزها عن سابقتيها، وتؤسس لمرحلة أقوى حضورًا في مسيرة المهرجان.

 

طريقة للنفاذ عبر حائط شفاف

 

لعل أبرز ما يميّز هذه الدورة هو اتساع أفق المشاركات، ووضوح الرهان على ربط قضايا المرأة بالبحث الجمالي على الخشبة، بحيث لم يكن المسرح مجرد مرآة لمعاناة النساء، بل تحول إلى مختبر لأشكال أدائية جديدة، وحس لا يخلو من المغامرة أو التجريب، على مستوى مختلف العناصر المسرحية، البداية كانت مع حفل الافتتاح من مسرح السامر بالعجوزة، وهو حفل شبابي بامتياز بداية من مخرجته تغريد عبد الرحمن، مرورًا بفقرة مستحدثة للفنان أبانوب بيباوي من شباب الصعيد، الذي قدم رسمًا حيًا على مدار نحو ثلث ساعة للوحتين مقلوبتين، مستخدمًا يديه وقدمه، وعند اكتمال العمل وتعديله تبين أن اللوحتين تمثلان، سميحة أيوب وفتحية العسال. تضمن الحفل أيضًا عرضًا حركيًا في التحطيب، قدّمته فتيات فريق جمعية الصعيد للتربية والتنمية، على غير المعهود في هذا المجال، وكان من اللافت أن غالبية الحفلات التي ضمها البرنامج رفعت لافتة كامل العدد.إلى جانب العروض، احتوى برنامج الدورة على عدد من الفعاليات من بينها سبع ورش عمل تناولت الكتابة المسرحية، الأداء الحركي، الرقص المعاصر، والإدارة المسرحية. كما قدمت الندوة الرئيسية للمحور الفكري بعنوان "تقاطعات الذكاء الاصطناعي مع الصناعة المسرحية"، بجانب شهادات المبدعات من خلال مائدة مستديرة تستمر للعام الثالث تحت عنوان، "كيف نفذن من الحائط الشفاف". وتعد بمثابة منصة نقاش مفتوح حول قضايا المسرح والمرأة وطرق كسر الحواجز غير المرئية التي تواجهها. العنوان مستلهم من كتاب "المرأة الثالثة" لجيل ليبوفتسكي، وفيه يطرح عالم الاجتماع نظرية دعاها الحائط الشفاف، تتبع نماذج من النساء استطعن رغم المعاناة الجندرية والمجتمعية أن ينفذن من الأنظمة القمعية للمرأة.شملت قائمة المكرمات كلًا من المخرجة والممثلة الإيطالية آنا دورا دورنو، الفنانة اللبنانية حنان الحاج علي، الفنانة عايدة فهمي، المخرجة المنفذة علا فهمي، الفنانة معتزة عبد الصبور، الأكاديمية منى صادق، وفنانة الاستعراض الشهيرة فريدة فهمي. ومن الملاحظ تنوع خلفيات المكرمات السبع بين الإخراج والتمثيل والأكاديمية وفنون الاستعراض.أما حفل الختام، فقد انطلق من مسرح الريحاني بعماد الدين، وشهد تقديم العرض المسرحي "الفزاعة"، وهو عمل متعدد الوسائط يجمع بين الرقص المعاصر والموسيقى الحية، ويتناول معاناة النساء مع أجسادهن خلال مراحل الحياة المختلفة، من البلوغ مرورًا بالحمل والولادة والطمث، وصولًا إلى حالات التسليع الجسدي.يشارك "فزاعة" ضمن تسعة عروض مصرية في البرنامج، وزعت بين البرنامج الرسمي ومسار المسرح المجتمعي. وتتنوع بين معالجة قضايا العنف والجريمة، البحث عن الهوية والتحرر من القيود الاجتماعية، مواجهة الخيانات والضغوط النفسية، وتسليط الضوء على العادات والممارسات الاجتماعية الخاطئة. من بين هذه العروض: "هل تراني الآن" للمخرجة لبنى المنسي، "طقوس الإشارات والتحولات" للمخرج محمد الحضري، ومسرحية "الخروج" عن نص من تأليف التركية عدلات أغا أوغلو، بإعداد دراماتورجي خالد توفيق، وإخراج ساندرا سامح. تشكلت إدارة مهرجان إيزيس من المخرجة والممثلة عبير لطفي كرئيسة، فيما تشاركت الكاتبة والمخرجة عبير علي حزين، مهام الإدارة الفنية، مع الكاتبة والناقدة رشا عبد المنعم.

 

النسوية من الذات إلى الجماعة

 

تحل إسبانيا هذا العام ضيفة شرف الدورة الحالية، وتشارك بعرضين يبرزان ثراء التجربة المسرحية الإسبانية وتعدد مقارباتها النسوية والجمالية. يقدم العرض الأول "العرس الدامي" للمخرج باتي أبريغو، رؤية مغايرة للنص الأصلي لفريدريك غارسيا لوركا "عرس الدم".في هذا العمل، تقوم البطلة بتجسيد جميع الشخصيات الدرامية، من الأم والعروس إلى الموت المجسد في صورة القمر، ويصبح تعليقها على الأحداث بمثابة مونولوغ استكشافي يبحث عن أدلة للإدانة والدفاع على حد سواء. تدور فكرة المسرحية حول سطوة العادات والتقاليد العتيقة على المجتمع وتحولها إلى قوانين تتحكم في مصائر البشر، من خلال صراع دموي بين عائلتين، يذكرنا بصراع شهير عند شكسبير، بعد أن هربت العروس يوم زفافها لأنها تحب رجلًا آخر.العرض الثاني، هو "هيليناس Helenas"، ويستلهم أسطورة هيلين طروادة إلى جانب مواد وثائقية ليقترب من حيوات العديد من الـ هيلينات اللواتي تعرضن للوصم من مجتمع أبوي، على مدار تاريخ البشر الممتد، وذلك من خلال استقصاء السؤال المحوري حول الأسطورة، هل تتحمل الهيلينات مسؤولية حروب طروادة؟ ليقدم قراءة معاصرة للنص الأسطوري من منظور نقدي واجتماعي يرد الاعتبار لنساء التاريخ والأسطورة. معاناة أخرى، نتابعها لزوجة ترملت في العرض الياباني "الفراشة والخيط الأحمر" من تصميم وأداء الفنانة اليابانية- البلجيكية يوري ماتسومارو، مستوحى من تجربتها الشخصية.جذب العرض اهتمام الحضور بمن فيهم إيزابيلا بوماريتو، مديرة مشروع البرنامج الثقافي الأوروبي المصري، وساتوشي كاواكيتا من مؤسسة اليابان في القاهرة، كما قدم للجمهور المصري تجربة مغايرة لفنون الأداء اليابانية المعاصرة من خلال أسلوب البوتو، المعروف بحركاته البطيئة وأدائه التعبيري عن الظلام والفجيعة الداخلية. مستكشفًا عبر الأداء الحركي الصامت موضوعات الحب، الفقدان، والروابط الأبدية بين الأرواح، في ضوء الأساطير اليابانية ورمزية الفراشات أو الخيط الأحمر للقدر.عرض حركي بعنوان "حدود" للمخرجة الإيطالية آنا دورا دورنو ومشاركة خمس مصريات، يمثل تجربة تعاون مصري- إيطالية مدعومة من الاتحاد الأوروبي واتحاد المعاهد الثقافية يونيك والمعهد الثقافي الإيطالي في القاهرة. وهو نتاج ورشة عمل مشتركة امتدت خمسة أيام. ومن لبنان، نتابع في عرض "جوجينج" للفنانة حنان الحاج علي، دراما تجمع بين التجربة الشخصية والبعد الجماعي، إذ تمارس حنان في الخمسينات من عمرها رياضة الجري يوميًا لمواجهة هشاشة العظام والسمنة والاكتئاب، سرعان ما يتحول الركض إلى استعارة عن مواجهة الضغوط الاجتماعية، ليصبح وسيلة لاستعادة التوازن بين الجسد والحياة، حتى في عزلتها على الخشبة.لا تقوم فلسفة المهرجان على التنافس – حتى الآن- وكونه مهرجانًا نوعيًا، فهو يهتم بالعروض النسوية أو التي تهتم بقضايا النساء، سواء أكان صانعها رجلاً أم امرأة. من أبرز الأمثلة على ذلك العرض الفلسطيني "فاطمة الهواري: لا تصالح" للمخرج غنام غنام، ويروي قصة فاطمة (1930–2012)، ضحية القصف في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 1948، حين ادعت إسرائيل أن طائرة عربية مجهولة شنت غارة انتقامية على بلدة ترشيحا، وفي ظل هذا الإنكار لم تُقدّم أي معونة طبية أو صحية. بعد 47 عامًا، يحضر الطيار ذاته إلى بيت فاطمة بصحبة كاميرات (CNN) ليعترف بجريمته، حينها تقف الضحية في مواجهة القاتل، في سردية تمزج بين الحقيقة الفلسطينية وبين المرجعيات المزيفة للاحتلال، بما يلقي بظلاله على الممارسات المتصاعدة الراهنة للعدوان في غزة.

المشـاهدات 275   تاريخ الإضافـة 06/10/2025   رقم المحتوى 67099
أضف تقييـم