| النـص :
يوميا تطالعنا وسائل الاعلام بتقارير وصور صارخة عن ازمة المياه في البلاد , وقد تحول الرافدين دجلة والفرات الى جداول , مياههما ملوثة على شحتها غير صالحة للاستهلاك و ارتفعت في داخلهما الجزر الطينية واصبح عبورهما في بعض المناطق سيرا على الاقدام .مع هذه الندرة الواضحة لا تحرك الحكومة اجراءاتها ومعالجاتها للكارثة على الصعيدين الخارجي والداخلي , فمصادر المياه التي تغذي النهرين من ايران وتركيا تعمل الدولتان الجارتين على بناء مشاريع وسدود تلحق ضررا بالغا بالعراق على القوانين الدولية التي تنظم قسمة المياه العادلة بين الدول المتشاطئة , حتى ان تركيا تستهين بالعراق عندما تطلق دفعات من المياه لمدة ايام ومن ثم تقطعها من دون مبرر , اما الجارة ايران فأنها لا ترد على المطالب العراقية , صامتة مستغلة صمت الحكومة وضعف تسليط الضوء على مصادرتها للمياه .ما يهمنا في هذه المعالجة العاجلة الصعيد الداخلي , بمعنى الاجراءات التي يفترض ان تتخذها الحكومة , بل انها تعمل على التضيق ومنع الفلاحين من الزراعة ليس الا . اضافة الى تشديد الاجراءات العقابية بحق من يهدرون المياه من خلال الاستخدام المفرط لها .ان هذا الشق من المشكلة يتطلب اعطاءه الاولوية في الخطط الزراعية , من عملية بناء السدود بأنواعها , بل ان الحكومة اوقفت بناء احد السدود بعد المباشرة به بذريعة ان لديها طاقة خزنيه لم يتم استغلالها , كم سمعنا ان عن سدود للحفاظ على مياه والامطار من الضياع , على خلاف ذلك بنى الاقليم عشرة من السدود مؤخرا في تقدير صحيح لأهميتها , كما علينا ان نبدأ من دعم الفلاحين والمزارعين وتشجيعهم على استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة في الري والزراعة لتقليل الفاقد من المياه , فلا تزال المرشاة غير منتشرة ولا تغطي كامل الاراضي المزروعة لكونها غالية الثمن ولا تقدم تسهيلات كافية للعاملين بما يتناسب مع امكانات الفلاحين لاقتنائها وتيسير عملهم .وايضا , مازلنا متأخرين جدا في معالجة مياه المجاري لإعادة استخدامها , وهي كميات كبيرة يمكن الاستفادة منها في اغراض مختلفة , وهذا ليس بالأمر الجديد بلدان عديدة اخذت بهذا الاسلوب ونجحت فيه ولا يتطلب استثمارات كبيرة ويعطي مردودات جيدة وينهي بعض حجج بلدان الجوار باننا نهدر المياه .واذا رجعنا الى البعد الخارجي , فان حل المشكلة لا يرتبط فقط باستجداء حق العراق منها , وانما الانطلاق من اسس راسخة وحشد الراي العام العربي والدولي الى جانب حقنا , وهذا يتطلب ربط العلاقات الاقتصادية والمساهمة في بناء حملة الاعمار الوطنية بمواقفها من حق العراق بقسمة عادلة للمياه , فليس من المنطق والمعقول والمقبول ان يصل استيراد البضائع من الجارتين الى ما يقرب 40 مليار دولار سنويا وكلتاهما لا تستجيبان لمطالب العراق .هناك حاجة لتغيير سياسة استهلاك المياه على الصعيد الفردي لمختلف الاغراض والاستخدامات من خلال زيادة الوعي بأزمة المياه واعتبارها مسالة حياتية يومية وثقافة الترشيد للاستهلاك , وتحديد موقف شعبي من اعتداء الجارتين على حقوق بلادنا .الحكومة مسؤولة عن جزء كبير من الازمة ومن الضروري وضع الخطط الازمة واشراك المواطنين في نهج يحافظ على المياه من الهدر ويسترجع حقوقنا .
|