لم تبادر الحكومات التي تعاقبت منذ التغيير وحتى تشكيل حكومة السيد محمد شياع السوداني في البلاد ، بإعادة الحياة الى ما تم تدميره من قبل القوات المحتلة ، وانتشاله وحماية الإنتاج الوطني من المنافسة الوافدة والشرسة وتدوير عجلة المصانع والمشاريع المعطلة ..

فقد تعرضت البلاد آنذاك الى مؤامرات خبيثة ومفتعلة شارکت فيها مافيات أجنبية وأخرى داخلية استهدفت الاقتصاد الوطني في الصميم وقام ( الحواسم ) بنهب محتويات معظم المنشآت الانتاجية وتخريبها ، ومن ثم فتحت منافذ الحدود لتتدفق عبرها المنتجات والمحاصيل الأجنبية وبشكل يكتم أنفاس المنتج المحلي ...

ولم تتوقف عمليات التدمير المتعمد عند حدود الصناعة الوطنية والمنتج الزراعي فحسب ، وإنما امتدت لتطيح بالثروة السمكية والحيوانية وحرق المحاصيل الزراعية بعد أن شهدت أرض السواد انتعاشاً ملموساً قبل حدوث شحة المياه الحالية ..

ولا يكفي القول أن حرائق حقول الحنظة والشعير التي حصلت في المحافظات مفتعلة ، أو أنها بفعل فاعل منافس ، كما هي كارثة نفوق الأسماك ، وإتلاف محاصيل الطماطة في البصرة والمحافظات المحاذية في جنوب العراق ، وانما هي ( مؤامرة ) محبوكة ومُخطط لها قبل دخول أول جندي محتل الى البلاد .. وبالتأكيد أن ( المافيات ) التي بدأت تنفذ بنود هذه المؤامرة ومن يقف وراءها ويحميها لا تريد لهذا الوطن أن يكون سوقاً لتصريف البضائع والمنتوجات المستوردة فحسب ، فإن ما يحدث هو تهديد فعلي يتطلب المواجهة بمثل ما يمثله من مخاطر آنية ومستقبلية ..

وكان على الحكومات الاتحادية المتعاقبة القيام بواجبها القانوني والأخلاقي تجاه شعبها وقمع هذه المؤامرات والحد من نشاطها في تدمير الاقتصاد وأرزاق المواطنين ..

ولم تتوقف هذه الكوارث عند هذه الحدود ، وانما امتدت الى بساتين النخيل هذه المرة وراحت تجرفها .. وقد حذرت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية من ضياع ( هوية العراق ) وأهم رموزها ، داعية الحكومة إلى التدخل الفوري لإنقاذ بساتين النخيل من الاندثار والزوال ..

ولا ندري هل ستقف الحكومة الحالية مكتوفة اليدين أم أنها ستكشف اللثام عن فاعليها قبل أن يستهدفوا المزيد ..