| النـص :    
  
  
تعيش الساحة السياسية العراقية حالة من الترقب الحذر قبيل الانتخابات البرلمانية القادمة، وسط مؤشرات متشابكة تُعيد رسم خريطة التحالفات وتوازنات القوى. فبين إعلان السيد مقتدى الصدر وأنصاره مقاطعة الانتخابات، وحديث الأوساط السياسية عن زيارة مبعوث الرئيس الأميركي إلى العراق سافانا، تلوح أمام المراقبين معادلة جديدة قد تغيّر شكل المشاركة ومخرجاتها.قرار التيار الصدري بالمقاطعة لم يكن مفاجئًا بقدر ما كان مؤثرًا. فالتيار الذي يمتلك قاعدة جماهيرية ضخمة، يُعد أحد أعمدة التوازن السياسي في البلاد، وغيابه المحتمل يعني أن صناديق الاقتراع ستفقد شريحة وازنة من الناخبين. كما أن هذا القرار ألقى بظلاله على بقية الكتل التي بدأت تعيد حساباتها، وتخشى أن يؤدي انخفاض نسب المشاركة إلى فقدان شرعية النتائج.في المقابل، جاء التحرك الأميركي عبر مبعوث البيت الأبيض ليثير مزيدًا من الأسئلة. فالولايات المتحدة تدرك حساسية المرحلة، وتسعى، كما يبدو، إلى ضمان استقرار العملية الانتخابية، أو على الأقل إلى مراقبة توازن القوى الجديد بعد مقاطعة التيار الصدري. هذا التداخل بين العوامل الداخلية والخارجية يجعل المشهد الانتخابي أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.الشارع العراقي يراقب بقلق، وقد تراجع منسوب الحماس الشعبي للانتخابات إلى أدنى مستوياته منذ عام 2005. فالأزمة لم تعد فقط في الثقة بالسياسيين، بل في جدوى المشاركة ذاتها. فحين يرى المواطن أن الحكومات المتعاقبة لم تحقق ما وُعد به، يصبح الامتناع عن التصويت شكلًا من أشكال الاحتجاج الصامت.لكن رغم هذا الترقب، تبقى الانتخابات فرصة – مهما كانت هشّة – لإعادة إنتاج الأمل. وإذا ما استثمرت القوى السياسية المعتدلة هذا الفراغ الذي تتركه المقاطعة، فقد تكون أمام فرصة لبناء خطاب جديد بعيد عن الطائفية والمصالح الضيقة. أما استمرار النهج القديم، فسيعني ببساطة أن نتائج الانتخابات القادمة لن تختلف كثيرًا عن سابقاتها، وأن العراق سيبقى يدور في حلقة انتظار جديدة. 
 |