أمير البيان العُماني يسابق النجوم
![]() |
| أمير البيان العُماني يسابق النجوم |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص :
ناصر أبوعون عظماء كثيرون حول العالم كانوا شجرة باسقة نبتت في حجر أمهاتهم. وفي دفتر التاريخ الإسلاميّ صفحات مضيئة بسيرة أمهات كانوا مصانع للرجال؛ فالشافعيّ استضاء نجمه من مشكاة أمه، وصقلت سيف وروح السلطان محمد الفاتح عقيلةٌ لم تعرف للنوم طعمًا، وأكلت دروب الأرض من قدمي والدة مالك بن أنس حتى صار نجمًا، وصامت والدة أحمد بن حنبل عن الفتيل والقطمير إلى أن صار عَلَمًا، واستقدمت (الشيخة ريّا بنت أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلية) المعلمين الأجلاء والأفذاذ الخُلَصاء لتؤسّس بِنْيَة فلذة كبدها أمير البيان؛ ليرث الفضل والسؤدد من ثلاثة وعشرين إمامًا كانوا نجومًا شعشاعة بالقيم العُمانية المتوارثة والأخلاق الدينية القابضة على جمرة العدل الإلهيّ؛ أربعةً منهم استطالوا نخيلا باسقًا في عمادة بيت الخليليّ، فأضاءوا الدُّنى عِلمَا وتواضعًا؛ حتى كان لأمير البيان النصيب الأوفر والحظ الأذخر، فصار نجمه يصافح الثريا، ويطيبُ الثّرى تحت قدميه شعرًا وفخرًا، ويضع على شفاه فم الدنيا نور الحِكمةً فتجري نهرًا، وتستقطر المُزنَ من شعره سُحُبًا تستنبتُ الأخلاق في بطون الوديان آكامًا وشجرًا، وتبذُر المروءة والأصالة على رؤس الجبال عبقًا ونُشُرًا؛ إنه الشاعر العُماني جذورًا وأرومة عبدالله بن علي بن عبدالله بن سعيد بن خلفان الخليلي الملقب بأمير البيان، والذي أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عام 2025 شخصيته ضمن برنامجها للاحتفاء بالذكرى المئوية للأحداث التاريخية والشخصيات ذات التأثير العالمي. وفي هذا السياق نحاول إنشاء قراءة أسلوبية في قصيدته (سباق النجوم) والتي ترتكز في رؤيتها العامة على عنصرين اثنين؛ هما: الانطلاق من أوجاع الذات الإيمانيّة، محمولة على طابع صوفي يمزج بين العرفان والألم والرجاء، والحديث عن إثر التكامل بين العقيدة الإيمانية والتجربة الإنسانية وهذا التكامل مشروطٌ بتوظيف الصور الشعرية والخيال الخصب في التعبير عن الحالة النفسيىة للشاعر. أمّا الرسائل المحورية التي تبثها القصيدة فهي خمس رسائل مكثفة تؤكد على:الارتقاء الروحي المشروط بالصفاء النفسي والصدق مع الله أولا والذات ثانيا، وترى فيالدنيا عرضًا زائلًا والأماني خادعةً، والخلاص في التشبث بالمنهج الإلهيّ، وأنّ الدعاء ملجأ الراجين في عوض الله وعفوه وسلوى الأرواح المعذبة، وما المرض إلا تصفية وتنقية واصطفاء ويورث الصبر، والاستمساك بحبل الله اليقين، وأنّ الرسالة الأسمى في هذه القصيدة تدعو الناس إلى العمل بالآية القرآنية {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[100- التوبة] من أعلى مقامات الإيمان. وفي هذه القصيدة ارتكز الشاعر عبد الله الخليلي على البحر الخفيف لأربعة أسباب رئيسة، وهي: أنّ البحر الخفيف يناسب شعر (الوصف والحكمة)، وينشأ عنه مُنَاخٌ لغويٌّ يجمع بين الجزالة والعذوبة، كما أنّ مرونة تفعيلة الخفيف تتعاون مع القافية في التعبير عن حالة الشكوى والتأمّل، فضلا عن الانسياب الموسيقي للتفاعيل يسهم في تهيئة القاريء لتلقي الحالة النفسية للشاعر والاتحاد معها، ثُمّ إنّ إيقاع بحر الخفيف وسطيٌ يقع بين نغمة (البسيط) البطيئة المتهادية، ونغمة (الرجز) المتسارعة وهذه الوسطيّة تتناسب والموضوع الوجدانيّ والوصفيّ عُمدة القصيدة. فإذا ما عرّجنا على لغة قصيدة (سباق النجوم) عثرنا على مظهرين لُغويين انطلق منهما أمير البيان في بثّ شكواه، الأول: مظهرٌ وصفيٌّ: يرتكز على الطابع الخبريّ التواصليّ للّغة الشعريّة، والآخر مظهرٌ إشاريّ: يرى في اللغة الشعرية وظيفة إبلاغية وبريدًا حاملًا لرؤية الشاعر. وفي لغة القصيدة تطفو على السطح جدلية الخفاء والتجلّي فالقصيدة مجموعة من التجلّيات اللغوية بتعبير عبد القاهر الجرجانيّ؛ ولكنها تجليات لغوية تناسب معانٍ خفية لا يتدبّر أمرها إلاّ من أدرك أن للكلمات وظائف وليست مجموعة من الإشارات الفارغة. أمّا عنونة القصيدة بـ(سباق النجوم) فقد لوحظ أنّه، ومجتزأ من أحد أبياتها، وسواء أكان العنوان موضوعًا من قِبَل الشاعر أو من اختيار مُنسّقِ الديوان فهو مصدر الضوء وكانت وظيفته بمثابة المرآة العاكسة للمعاني والفكرة المحورية في عقل المتلقي، بل نقل القاريء من حيز الواقع لحيز التخييل والتأويل. فإذا ما التفتنا إلى السمات الفنية سنجد ثلاثًا يتكيء عليهن الشاعر كأدوات في بناء معمار القصيدة، وهي (اللغة/ الإيقاع/ الصور) أمّا من حيث (اللغة شعرية) فنرى مزجًا طبيعيا وعفويا لا مصطنعًا بين جزالة المعاني ودِقَّة وصف الحالة الشعورية وعقيدة الشاعر الدينيّة. ومن حيث (الإيقاع) نراه يتهادى كموجة غير هادرة على سطح نفسٍ فوّارة تتقطع من الألم، وعلى صعيد (الصور البلاغية) لاحظنا ارتكاز الشاعر بكثرة على (التشبيه البليغ)، وهو من أعلى الصور الشعرية كَعْبًا وتأثيرًا في البلاغة العربية، مثل (يوسفي الجمال/ البدر المكتمل)، و(الاستعارات الممتدة):النفس تحلق بجناح/ وتهوى بساق. وعلى صعيد المعنى العام والرئيس في قصيدة (سباق النجوم) لأمير البيان الشاعر عبدالله الخليليّ فقد رصدنا أربع معانٍ هي زُبدة النصّ وعُمدته، وهي: القصيدة بوحٌ روحيٌّ واتساق فكريٌّ مع شخصية النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم والدعوة لاعتمادها كنموذج مثالي في تربية الأجيال على منهاج شريعته الغراء لنصنع بشرا أسوياء يمتازون بالصفاء، والسمو، والقوة، والإشراق. وتتضمن حُزمة من الإحالات اللغوية تشير إلى الذات المؤمنة الصافية، وترتكز على مجاز إشاريّ أحال القاريء إلى النفس العالية المؤهلة للاتصال بالله.وعبر مقاطع القصيدة الست يتنقّل بنا الشاعر عبد الله الخليليّ من العام إلى الخاص، ومن التعبير عن الخارج إلى الحديث عن مكنون نفسه وبثّ شكواه لله من مرضه الذي يتعنّى فيه؛ لكنّ سلواه تتمثل في الركون إلى الدعاء والتوجّه إلى الله، وهنا يجد القاريء المعادل الموضوعي لشخصية الشاعر متمثلا في استحضار قصة النبيين أيوب ويعقوب، ليؤكد على ضرورة التسليم والرضا بالقضاء الإلهي. |
| المشـاهدات 14 تاريخ الإضافـة 13/12/2025 رقم المحتوى 68844 |
أخبار مشـابهة![]() |
السوداني يؤكد لشيفرون الأميركية تعزيز الشراكة النفطية وتطوير حقول الناصرية والقرنة 2
|
![]() |
ارتفاع اسعار خامي البصرة في الاسواق العالمية
العراق يصدّر أكثر من 4 ملايين برميل نفط إلى أميركا في شهر |
المقاطعة الصدرية والمبعوث الأميركي في المشهد الانتخابي |
ارتفاع خاما البصرة في الاسواق العالمية
عملاق أميركي يفاوض بغداد لتقاسم أرباح أكبر حقول العراق |
![]() |
الدفاع المدني: الاستعانة بآليات ألمانية ويابانية وأميركية صممت لتلائم شوارع وأزقة العراق |
توقيـت بغداد







