الأحد 2025/12/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
ضباب
بغداد 14.95 مئويـة
نيوز بار
ما جاء به نبي الياسمين: قراءة في المجموعة الشعرية (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب
ما جاء به نبي الياسمين: قراءة في المجموعة الشعرية (قبل أن يستيقظ البحر) للشاعر حسين السياب
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

انتظار الوردي

(قبل أن يستيقظ البحر) المحطة الثانية من محطات السياب التي وقفت عندها بعد (مطرٌ على خدِ الطين) لاستمتع بشاعرية حالم بغدادي – امتازت نصوصه بقوتها وواقعيتها – يسعى لأن يكون نجماً متوهجاً في سماوات الشعر بكل ماعاشه من أسى في ظل الحروب التي منحته القدرة على مراقبة العالم بنصفِ عينٍ فقط، وهو ماصوره لنا النص الشعري (عيني عليكِ ترسمني) محاوراً من خلاله معشوقة لازمت روحه بكل الأزمنة والأمكنة، حتى كتب فيها عشرات النصوص التي مكنتني من قول أنّ حسين شاعر بامتياز، يعتني بنصوصه ويصقلها لتليق بهما وبالقارئ كذلك، ففي نصه (نهار يتسع لأجنحة الغياب) يقول:

أركض خلف ظلي الهارب في ملامحكِ،

كما لو أنني اطارد

قصائد سقطت من رأسي

أو أمد يدي لأقطف صوتي العالق في المسافة!

الشمس تخدعني بابتسامتها

تمنحني نهاراً خفيفاً

في صمت الأزقة

حيث الأرصفة لم تعد تتقن البكاء..

أنا التائه هناك

أذوب في ليلكِ

ويقول في نص (بودكاست عن وجه الغربة)

يغريني ضياعكِ فيّ،

كأنني آخر المدن المنحوتة على شهادة ميلادكِ..

لا غرض لي مع الشعر،

سوى الاحتراق على جسد القصيدة

التي تنمو بين يديكِ

ناهيك عن نصوص (أكتبك غنوة.. تحملني قصيدة، سلام على مداد العمر، خطيئة مقدسة، تنهيدة مطر، مرايا القمح، دروب الغواية، صيف أزرق، عزف الرمال، نشيد كلكامش الضائع، مسكن القبلة الأولى، سحر الجنوب، أنفاسكِ وطن، مشهد ليلة شتائية، عندما يسألني فجركِ الناعم، في ضوء وجهكِ وجهتي). وكبقية أقرانه من الشعراء وظف السياب شاعريته في تدوين الذكريات والبوح بالحنين الممتد فيما بينهما من مسافة مسمياً هذا كله بـ(لوحات) التي قال من خلالها:

وحيداً تطوي المسافات

على مصطبة النسيان

تلقي هموم الذاكرة

تردد بصوت بلا صدى

آهات الشوارع...

على مسارحها الفوضوية

ترتب حوارات صامتة

تلعن المسافات

تنتحب حين يسقط المطر بغزارة الحزن..

تلعن المطر

تفرش الهموم

كي تنام وحيداً..

مسافراً في أغاني المطر

على ناصية الحنين تقف

تفقد شغف الرسائل

ولذة الشعر

ولمّا أبصر السياب كل ذا الحزن الذي يحتوي الوجود والذي عبر عنه من خلال نصه (تكبر على بوابة سومر) قائلاً:

آه أيتها الرغبة

حزن طويل

وصدري باع ليله دون وجع..

أمد يدي لضوء الذكريات

لا سبيل لمقاومة الهموم

كيمامة قلقة أقف والريح تعصف بي

أبناء النهر نحن، لا نبحر في المالح

نجري خلف بساتين البرتقال لنلعب الغميضة

تمنى لو أنه لم ينضج ويعي شيئاً من هذا العالم، فأمان الطفولة وبهجتها أشبه بفخ يفتضح أمره عند الإدراك الأول للبشرية وشتان مابين هذا وذاك وهو ماصوره لنا نص (من أحرق سرير الليل؟) فضلاً عمّا جاء به نص

(أحبكِ ولو كنتِ في كون آخر)، إذ يقول:

أنا ضحية الوقت

فالشمس في دمي تقاوم عواصف البرد

أي سوء حظ يمتلك الشاعر

وعندما استشعر السياب كل الذي يجري في هذا العالم شرع بروح شاعرية مسؤولة يدعو إلى التجديد كجزء من رسالته الشعرية بحسب ماورد في نصه (عيون مدن لا تحلم)

نحتاج رئات أخرى ليتنفس العالم

نحتاج عيوناً أخرى لنرى الحبيبات من جديد

نحتاج موتاً.. لنبعث أحياء

دورة الحياة بطيئة

والطريق يمضي..

لا مفر...

المشـاهدات 53   تاريخ الإضافـة 13/12/2025   رقم المحتوى 68850
أضف تقييـم