الأحد 2025/12/14 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
ضباب
بغداد 8.95 مئويـة
نيوز بار
الكبرياء يقتل فرصة العودة إلى الديوك يحفر قبره بنفسه.. عبقرية بنزيما وسط ألغام الماضي الفرنسي
الكبرياء يقتل فرصة العودة إلى الديوك يحفر قبره بنفسه.. عبقرية بنزيما وسط ألغام الماضي الفرنسي
الملحق الرياضي
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

متابعة ـ الدستور الرياضي

في هدوء دبي، أطلق كريم بنزيما تصريحًا أشعل الأوساط الرياضية الفرنسية وكأنه صاروخ إعلامي صغير. نجم اتحاد جدة السعودي، الفائز بالكرة الذهبية عام 2022، وضع نفسه مرة أخرى في دائرة الضوء، قائلاً ببساطة: "إذا اتصلوا بي، سأحضر". عبارة تبدو بريئة على السطح، لكنها تحمل في طياتها خليطًا معقدًا من الشغف المستعر بكرة القدم والغرور الذي لا يُخفى أمام ماضٍ ثقيل من الخلافات مع المنتخب الفرنسي.هذا التصريح لم يكن مجرد إعلان استعداد بدني، بل هو تحدٍ علني، ومحاولة جريئة لإعادة كتابة قصة لم تنته بعد، رغم أن التاريخ يبدو رافضًا للعودة. بين شغفه اللافت وطموحه الذي يرفض الاستسلام، يقف بنزيما على حافة مقامرة إعلامية، تدفع الجميع للتساؤل: هل هذه خطوة نحو المصالحة، أم مجرد لعبة كبرياء قد تكلفه الكثير؟

 

مغامرة كاذبة أم غطرسة مفرطة؟

 

تصريح بنزيما يبدو، للوهلة الأولى، تعبيرًا عن حبه للعبة واستعداده لتقديم كل ما لديه من مهارات وقدرات. لكن عند التدقيق، يبدو هذا الظهور الإعلامي أشبه بمقامرة محفوفة بالمخاطر، إذ لا يخفى على أحد أن العودة إلى المنتخب بعد سنوات من الانقطاع ليست أمرًا بسيطًا. فهو يضع الكرة بذكاء في ملعب الاتحاد الفرنسي والجهاز الفني، محاولةً لتقديم نفسه كخيار لا يُرفض، وربما يُحمل المسؤولية لأي رفض محتمل إلى إدارة المنتخب.في هذه المناورة، يظهر جانب من ذكاء بنزيما الإعلامي، فهو يدرك تمامًا تأثير تصريحاته على الرأي العام، ويستفيد من الشعبية الجماهيرية الكبيرة التي يتمتع بها. عبارة "من يستطيع رفض كأس العالم؟" ليست مجرد تعبير عن الشغف، بل محاولة لإعادة نفسه إلى دائرة الضوء، وخلق ضغط شعبي قد يساهم في فتح الباب أمامه من جديد.ومع ذلك، يفتقر هذا النهج إلى التواضع، فالعودة إلى المنتخب تتطلب أكثر من مجرد تصريحات علنية. كان من الأجدى التواصل مباشرة مع الجهاز الفني، وربما تقديم اعتذار أو توضيح خاص قبل الإعلان عن الاستعداد للمشاركة. تجاوز هذه الخطوة عبر الصحافة يجعل من الأمر محاولة لإثارة الجدل والترويج الذاتي، وهو ما قد يُعتبر تصرفًا متغطرسًا إلى حد ما.

 

ذاكرة ديشامب

 

الحديث عن إمكانية عودة بنزيما لا يمكن فصله عن العلاقة المتوترة مع ديدييه ديشامب، المدير الفني للمنتخب الفرنسي. الخلاف بينهما ليس مجرد مشادة سريعة في غرفة الملابس، بل هو تراكم لسوء الفهم وامتداد لتوترات عدة سنوات، منها اتهامات بالعنصرية عام 2016 وتصريحات حادة عبر وسائل الإعلام حول أسلوب إدارة ديشامب.ديشامب، المدرب البراجماتي والهادئ، ليس ممن يتأثرون بالضغوط الإعلامية أو الجماهيرية. نجاحاته المبنية على العمل الجماعي والثقة المتبادلة تعني أن أي محاولة لإعادة لاعب طالما شكك في نزاهته وقراراته ستكون صعبة للغاية. بنزيما، مهما بلغت موهبته، يواجه واقعًا يتمثل في قيادة شخص لا يرضخ للضغوط الخارجية بسهولة، ويملك القدرة على اتخاذ قرارات تتجاوز الجاذبية الإعلامية والشعبية.

 

الموهبة وحدها لا تكفي

 

من منظور رياضي، يبقى النقاش حول إمكانية مشاركة بنزيما مشروعًا ومثيرًا. أداءه في الدوري السعودي يثبت أنه لا يزال محافظًا على لياقته البدنية ومهاراته الفنية، وقد يكون انضمامه إلى كأس العالم 2026 فرصة لرؤية أسطورة في الجولة الأخيرة، إلى جانب نجوم كبار مثل ميسي ورونالدو ومودريتش.لكن المنتخب ليس مجرد مجموعة من الأفراد، بل هو توازن دقيق يعتمد على الكيمياء بين اللاعبين والاستقرار النفسي والفني للفريق. تجربة 2021 مع بنزيما كانت درسًا واضحًا، فقد أثارت عودته المفاجئة قبل بطولة أمم أوروبا اضطرابًا في الفريق، وتسبب الاهتمام الإعلامي الزائد في تشتيت التركيز، رغم أنه سجل أربعة أهداف، إلا أن الفريق انهار أمام سويسرا. وفي المقابل، انسحابه قبل كأس العالم 2022 وفر مساحة للفريق للوصول إلى النهائي دون أي توترات إضافية.إعادة بنزيما قبل أشهر قليلة من كأس العالم 2026 قد تحمل مخاطر كبيرة على استقرار الفريق، فهي رهانات غير محسوبة على وعد غير مؤكد، وقد تهدد الديناميكية الجديدة التي أنشأها الجهاز الفني الفرنسي.

 

الماضي لا يُمحى بسهولة

 

ثمة حساسية كبيرة في محاولات العودة بعد انقطاع طويل، خاصة دون ترتيب وتسوية الحسابات بشكل مباشر. من الصعب تجاهل أن العودة بشكل مفاجئ، بعد إغلاق الباب بقوة، وإيحاءاته الإعلامية، يمكن أن تُعتبر بمثابة تفضيل للمصلحة الشخصية على المصلحة العامة، وللغرور على الالتزام الجماعي.المنتخب الفرنسي اليوم يسيطر عليه جيل جديد، وتاريخ يُكتب بلا بنزيما. محاولة إعادة لاعب، مهما كانت موهبته، من شأنها خلق اضطراب وإرباك في الفريق، وربما تؤدي إلى إعادة فتح خلافات سابقة لم تُغلق بعد.

 

عبقرية في مواجهة الكبرياء

 

بنزيما يظل لاعبًا استثنائيًا، وموهبة تكاد تكون فريدة في جيله، لكن الموهبة وحدها لا تضمن النجاح في كرة القدم الجماعية، خصوصًا في بيئة منظمة ومتحفظة كفرنسا. شغفه باللعبة واضح، وربما يؤمن هو حقًا بقدرته على المساهمة في كأس العالم المقبلة، لكن التاريخ الرياضي يثبت أن الكبرياء والمقامرة الإعلامية قد تؤدي إلى العزلة وفقدان الفرص.إذا ظل ديشامب على موقفه الراسخ، فربما يشاهد بنزيما كأس العالم 2026 من بعيد، وهذه المرة لن يكون اللوم على أحد سوى نفسه. التجربة تعلمنا أن الموهبة وحدها لا تكفي دائمًا لتبرير كل شيء، وأن اللعب بالنار في التصريحات قد يؤدي إلى حرق أجنحة أي أسطورة، مهما بلغت عظمة إنجازاته.في النهاية، يبقى بنزيما حالة فريدة، بين عبقرية كرة القدم وعبء الماضي، بين شغف لا يشيخ وغرور قد يؤدي إلى العزلة. ربما كانت رسالته هذه محاولة لإعادة تعريف ذاته، لكنها بلا شك تحمل في طياتها درسًا لكل من يسعى للتوازن بين الطموح الشخصي والمصلحة العامة، بين الكبرياء والاعتراف بالماضي، بين العبقرية والتواضع.

المشـاهدات 39   تاريخ الإضافـة 13/12/2025   رقم المحتوى 68874
أضف تقييـم