كونت مونت كريستو الحكمة البشرية بين الانتظار والأمل |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : وفاء بونيف تعتبر ثلاثية كونت مونت كريستو للكاتب ألكسندر دوما من الأدب الكلاسيكي العالمي، الّذي نقل لنا حقبة تاريخية مهمة؛ وهي فترة الصراع الّذي حصل بين الملكيين والنابوليين، وبينما نساير الحدث التاريخي الّذي شهد سقوط نابليون ثم محاولات عودته، كان خط سير الرواية يتفرع إلى أكثر من جانب؛ فبدءا بالجانب السياسي الّذي كان مضطربا، كانت المجتمعات الباريسية تعيش حالة من الركود الاجتماعي؛ فالطبقات المالكة تعيش في حالة من العزلة الإنسانية؛ فلا يساهمون في بناء المجتمع ولا إعانة الطبقات الفقيرة، بل على العكس كل ما يهمهم هو تراكم أرصدتهم وزيادة نفوذهم المالي والسياسي وبالتالي فرض حصار اجتماعي على كل من لا يشبههم في الرصيد ولا يساويهم في المكانة، أما الجانب الديني فهو يحضر ويغيب داخل المجتمع المتفكك اجتماعيا وفق احتياجات محددة ومعينة؛ ولا يكونون حريصين عليه إلاّ في حالة الوفاة فقط، فسلطة الكنيسة بدأت تنحصر تديجيا منذ ذاك الزمن. إدمون دانتس بحار طموح يمنحه القدر فرصة قيادة سفينة "الفرعون" والزواج من محبوبته مرسيدس لكن سرعان ما يحرمه منها حاقد ومنافس وخائن؛ ليجد نفسه أمام نائب وكيل الملك الّذي حمى مصالحه الشخصية بتقديمه كقربان سياسي في سجن إيف، لكن وبعد البؤس واليأس، يفتح العِلم الذي جسده الأب ( فاريا)أمامه ٱفاق النجاة؛ فينطلق حرا غنيا، ساعيا للإنتقام. كونت مونت كريستو هي الجزيرة الّتي حوت الكنز والّتي لقب دانتس نفسه بها ليخفي شخصيته، ويدخل المجتمع الباريسي من أوسع أبوابه، وكان إصراره يتضاعف كلما تذكر موت أبيه جوعا، وسجنه هو ظلما. سلط الكاتب الضوء على حياة الملوك، والأمراء والنبلاء في الغرب ( فرنسا و إيطاليا) وقارنها بحياة سلاطين الشرق، فكانت ترجح حسب "دوما" دائما كفة الشرق؛ فجسر الفن يمتد بداية من الشرق وصولا إلى الغرب، وسحر اللباس والجواهر مصدره أناقة الشرق، حتّى الأكل الشرقي يسيطر على باقي الحضارات ويجعلها تابعا له. "دوما" هنا يرى في الشرق مصدر إلهام وأصل الحضارات الإنسانية، وأنّ الغرب وإن أبدع في سرد الميثيولوجيات القديمة، وقدّم المسارح كأولية للمجتمع إلاّ أنّه لا يدخل ضمن المبتكرات شيئا، وإنّما سطّر لجسر الشرق الممتد له عدّة سبل ساهمت فيما بعد في فرض سيطرته السياسية والاقتصادية وحتى الفنية و الاجتماعية. سارت كل الشخصيات في فلك دانتس أولا ثم كونت مونت كريستو ثانيا، وكان الكاتب يعيدنا في كل مرّة للصراع الداخلي بين ( الخير و الشر)الذي تشهده كل شخصية عن حدا، ثم يُلبسها قناعا يليق بها في مجتمعها وهنا أيضا سبر لأغوار النفس البشرية الّتي تعتملها الشكوك في غالب الأحيان حول عدالة الله، وتحاول جاهدة فهم الحكمة الإلهية من جعل الشر أقوى من الخير ومن تمكين الظالمين ومنحهم سلطة المسيّر والمنظم للعالم، فلا نشهد تسييرا ولا نحصل على تنظيم؛ فنتيجة الظلم دائما تكون خرابا على كل الأصعدة. الأسئلة الفلسفية الّتي تناولها النص لم تحظى بإجابة نهائية، لكنّها قدمت (الإنتظار، والأمل) كدليلين يساعدان الباحث في تحصيل إجاباته.. تجدر الإشارة إلى أنّ المترجم المغربي "محمد ٱيت حنا" أظهر جهدا جبارا في تقريب المعنى، وتدقيق اللفظ، وإتقان الحوارات، فجاءت ترجمته بديعة، أنيقة، مريحة، خدمت العمل بشكل ممتاز لغة ومعنى.. |
المشـاهدات 47 تاريخ الإضافـة 07/09/2024 رقم المحتوى 52913 |
العراق الضائع بين التحذير الأمريكي ورد الفصائل |
لِمَ اكتوبر الشهر الأشهَر بينَ الشهور .!؟ |
الإعلام النسوي .. أصوات شجاعة بين التاريخ والواقع |
الصراع يبلغ أشده على رئاسة مجلس ذي قار بين العمري والناشي |
المالية النيابية تبين اسباب ارتفاع سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي السوداني يشدد على أهمية وضع معايير للشراكة بين صندوق العراق للتنمية والقطاع الخاص |