عيون المدينة المدرسة .. |
الدستور والناس |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : عز الدين المانع
تعلّمتُ خلال تجوالي الصحفي بين المحافظات قبل اكثر من خسة عقود ونيفاً عبر البرنامج الذي تبنته الصحيفة التي كنت أعمل فيها آنذاك وكان يحمل عنوان ((وجها لوجه مع المحافظين)) أشياء كثيرة ، ما كنت ارصدها لو اني بقيت متقوقعاً بين جدران المكتب معتمداً على الملاحظات والمقترحات التي تردني ضمن رسائل المواطنين أو عبر اتصالاتهم الهاتفية وأحررها فحسب .. فالجولات الميدانية المباشرة في عموم المحافظات، مدرسة بحد ذاتها .. والوقوف المباشر على الحقائق ، ومتابعة كل ما يحيط بها، ومعايشة المعاناة التي يعاني منها المواطن ويعانيها المسؤول ربما، والتعرف عن كثب على ما يدور خلف الكواليس ، كلها مدرسة ...
لقد علمتني تلك الجولات الصحفية الميدانية التي تواصلت لاكثر من عقدين بأن في معظم المحافظات جنوداً مجهولين يعملون بصمت ويصلون الليل بالنهار من أجل اسعاد الآخرين بأمكاناتهم المحدودة ، دون أن يطبلوا أو يقرعوا الأجراس ... وأن في ذات المحافظات طفيليين يتربعون حول موائد الثرثرة وتعقيد المسالك الروتينية ولا يحققون سوى السراب والوعود .. وأن بعض ما يؤشره المواطنون في رسائلهم واتصالاتهم الهاتفية من شكاوى وملاحظات واقتراحات هو أقل من الواقع بكثير ... وان بعض اصحاب تلك الرسائل مطالبهم مشروعة ولكنهم لم يستطيعوا أيصالها إلى المعنيين عبر بعض الأبواب الموصدة بوجوههم !!
وتعلمت أيضاً من خلال تلك الجولات، أن في معظم المحافظات رجال يؤثرون الحق على أنفسهم او يواصلون واجبهم با خلاص ، ولا يستريحون في دواوينهم إلا من أجل ان يواصلوا المتابعة والاداء من جديد .
وأن في بعضها الآخر صوراً نقيضة .. ونماذج كسولة ودواوينها عامرة بالترهل والكسل والمزايدات الرخيصة على حساب الآخرين ...
وان في معظم المحافظات طاقات مبدعة ومتفجرة .. وفي بعضها الآخر طاقات مكبلة ومقيدة ..
لقد علمتني تلك الجولات الصحفية أن أبصر الأشياء على حقيقتها .. وأن اكتشف الكثير فهي غنية بالحقائق .. ومتخمة بالمتناقضات .. وانها (مدرسة ) بلاشك !
|
المشـاهدات 35 تاريخ الإضافـة 07/09/2024 رقم المحتوى 52931 |