النـص : مؤيد عليوي
كان السرد يجسد تقنية فنية من اسلوب الروي المتصل بتبئير الشخصية والكشف عن ملامحها القصصية ، فإذا كان صوت المتكلم اسلوبا للروي صار التبئير الداخلي للشخصية من السرد ، بينما يصير تبئير الشخصية الخارجي متصل بأسلوب الراوي العليم أو بين صوت المتكلم و الراوي العليم بمعنى هناك مناورة بين الاسلوبين في الروي السردي في القصة الواحدة نجد أيضا التبئير الخارجي للشخصية وكشفا لصفاتها الخارجية ، طبعا من المعروف أن مصطلح" تبئير الشخصية" في القصص الأدبية يعود لجيرار جينت يقارب حكمة اسلامية للإمام علي ع : ((المرءُ مخبوء تحت طي لسانه لا طيلسانه )) وهذه المحايثة أو المقاربة تتصل بأسلوب صوت المتكلم المقترن تبئير داخلي الشخصية عند كلمة " المرء مخبوء تحت طي لسانه" في قصص "فوانيس" ، فالإنسان عندما يتكلم يكتشفه السامع بمعنى يعلم ما يفكر به المتكلم وما يريده من كلامه، بينما المظهر الخارجي من الملابس وغيرها، فهو واضح جلي للناظر وهو يشير الى تبئير خارجي للشخصية ،وقد سرت هذه الحكمة العلوية مثلا على لسان أهل اللغة العربية من المسلمين.
ثم نلحظ " فوانيس " عنوانا لمجموعة القصصية صادرة عن دار السرد للنشر ببغداد سنة ٢٠٢٤ ، من تاريخ طبعها يحلينا العنوان الى التأمل قليلا هل يوجد اليوم فوانيس تضيء أو قناديل تحيل الظلام الى نور لا يوجد في أغلب الأمر الا ما ندر في بيوت بعيدة عن أعمدة الكهرباء من المناطق النائية من مثل منطقة الاهوار وربما لا يوجد فوانيس زيت ونفط ، بل توجد مصابيح تعمل على البطارية .. فقد كان العنوان بمعنى ضوء الفوانيس ، مع ما تجلى من بدائية الاستعمال في كلمة فوانيس عنوانا لتدل على المضمون القصصي في أغلب قصص المجموعة حيث نجد الظروف التي مررت بها الشخصيات هي ظروف قاسية تشبه بدائية التعامل بين البشر ضد الحق والخير والسلام الذي يريده الانبياء والاوصياء فلا فرصة عمل للرزق الحلال والبطالة كما في قصة "رحلة الطين" ،وكثرة الفقراء كما في قصة " المدفئة " وقتل الناس علنا دون خوف أو خشية من الله؟! كفعل داعش الارهابي كما في قصة " حِلم ينزف" ، فيما تجد جانب الخير متوافر في القصص نفسها معادلا موضوعيا من السرد القصصي في بذل المساعدة للآخرين على قدر المستطاع هنا يكون ضوء الفوانيس في معناه الحاضر أن المجموعة تسلط الضوء على هذا وذاك من المجتمع العراقي مكانا واجواء ببعد انساني عندما صار العالم كقرية صغيرة وربما العراق افضل من كثير من الدول والبلدان لوجود نزعة الخير في أهله كما في القصص العراقية "فوانيس" لسيد محمد العلوي، كنسق موازٍ لنسق الشر والفساد في القصص ، ثم هذا مقارب للواقع العراقي فإن نزعة الخير في نفوس العراقيين تأتي من الجانب الروحي لأغلب سكان العراق، من زيارة الاربعين للإمام الحسين ع وبقاء أثرها الروحي بعد انتهاء الزيارة، ومثلها في التأثير وبقاء الاثر شهر رمضان المبارك لاغلب العراقيين، فالعراق أفضل بكثير من أغلب الدول على الرغم من ظروفه غير الطبيعية..
أما القسم القصصي الذي اتخذ من صوت المتكلم اسلوبا للروي من للسرد والمقترن بكشف داخل الشخصية أو التبئير الداخلي للشخصية، فنجده في القصص الاولى من المجموعة وكأن القاص العلوي سعى أن تكون هذه القصص بداية اسلوبية صادمة لمجموعته ضمن فكرة التأليف أو البنائية التكوينية للمجموعة المتصلة بالواقع الاجتماعي منها قصة " رحلة الطين" ص ٧ ، وقصة "حلقة تنتظر اصبعا" ص٩ ، و"تجربة جديدة" ص ١٣ و " محكمة بلا شهود" ص١٧،و"مدفئة " ص ٢١ ، حتى تصل الى قصة" دوامة " ص ٢٥ ، حيث يتغير اسلوب الروي الى اسلوب الراوي العليم ،ويأخذ هذا الاسلوب بالكشف عن المظهر الخارجي للشخصية القصصية في تبئير خارجي للشخصية ثم يسير السرد القصصي باتجاه التنويع بين اسلوب المتكلم والراوي ليظل التبئير الخارجي للشخصية فيها الى نهاية مجموعة ،،فوانيس،، مكوّنةً القسم الثاني منها، باستثناء قصة "انعكاس" ص ٥٣ فقد كُتبت بطريقة مغايره تماما ، كان صوت المتكلم " نحن" يعبر عن المجموع في بدايتها فيه تبئير خارجي للمجتمع ثم يتحول اسلوب الروي الى صوت المتكلم لشخص واحد وسرعان ما يجري اسلوب الروي الى الراوي العليم بطريقة ذكية يتفحص عمل مؤسسات الدولة عبر فنتازيا الانسنة ، كما كانت هناك مثل هذه الانسنة في قصة "حلقة تنتظر اصبعا" ص٩ دون فنتازيا التي تسرد قصة عوز الفقراء وبيعهم مقتنياتهم على لسان حلقة زواج أو خاتم الزواج يبيعها صاحبها كما نكتشف هذا بصوت المتكلم للخاتم في نهاية القصة التي تصلح ان تكون قصة قصيرة جدا: ( فُتِحتْ العلبةُ كعفوٍ نزل على مسجونٍ
|