
![]() |
حصانة رؤساء الدول: درع سيادي أم غطاء قانوني |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : في خضم تعقيدات العلاقات الدولية، تظل “الحصانة” التي يتمتع بها رؤساء الدول واحدة من أكثر المفاهيم إثارةً للجدل. فهي في الوقت ذاته أداة دبلوماسية ضرورية، وموضع تساؤل قانوني وأخلاقي متكرر. فإلى أي مدى يمكن اعتبار رئيس الدولة الأجنبية فوق القانون عندما يتواجد خارج حدود بلاده؟ وما هي حدود هذه الحصانة في ظل تصاعد المطالب بالمحاسبة الدولية؟
رئيس الدولة: فوق المساءلة؟
وفقاً للأعراف الدولية والاتفاقيات متعددة الأطراف، لا يخضع رئيس الدولة الأجنبية للقانون الجنائي للدولة المضيفة، حتى وإن ارتكب فعلاً يجرّمه قانون تلك الدولة. سواء أكان في زيارة رسمية أو خاصة، فإن مجرد الكشف عن هويته كفيل بحمايته من أي إجراء قانوني.ويستند هذا الامتياز إلى قاعدة قانونية دولية مفادها: “لا سلطان لنظير على نظيره”. بمعنى أن رئيس دولة لا يخضع لسلطة رئيس دولة أخرى، احتراماً لمبدأ السيادة المتبادلة.
ما وراء الحصانة: مبررات دبلوماسية أم حماية مفرطة؟
يرى خبراء القانون الدولي أن الحصانة تهدف في جوهرها إلى حماية رموز السيادة الوطنية من الإذلال أو الاستغلال السياسي خلال تنقلاتهم الدولية. فمحاسبة رئيس دولة في بلد أجنبي قد تُفسر كإهانة لدولته بأكملها.لكن هناك من يعتبر أن الحصانة، حين تكون مطلقة، قد تتحول إلى ملاذ آمن للافلات من العقاب، خاصة في حالات الانتهاكات الجسيمة أو التصرفات الشخصية المخالفة للقانون.
تفاصيل دقيقة: نوعا الحصانة
* الحصانة الجنائية: شبه مطلقة، وتمنع محاسبة الرئيس أو توقيفه في الدولة المضيفة. لكن يمكن للدولة أن تطلب منه المغادرة أو تلجأ إلى الطرق الدبلوماسية للحصول على تعويض.* الحصانة المدنية: أكثر تعقيداً. فإذا كان التصرف رسميًا، يتمتع الرئيس بالحماية. أما إذا كان شخصيًا (كشراء ممتلكات أو الدخول في عقود خاصة)، فالرأي الفقهي منقسم. فقهاء القانون في فرنسا وإنجلترا يميلون إلى الإبقاء على الحصانة، بينما يرى الإيطاليون أن الرئيس في هذه الحالة يعامل كأي شخص عادي.
حين يتبدل المشهد: نهاية الحصانة
بزوال الصفة الرئاسية، تنتهي الحصانة تلقائيًا. ومع ذلك، قد تبقى سارية بموجب المجاملة الدبلوماسية، لا الالتزام القانوني.
لبنان والعراق: نموذج عربي مزدوج
في لبنان، لا يتمتع الرئيس بحصانة مطلقة. ويمكن محاكمته في حالتي خرق الدستور أو الخيانة العظمى وفقاً لإجراءات دستورية صارمة. أما في الجرائم العادية، فهو لا يتمتع بأي حماية استثنائية.في المقابل، يغيب النص الصريح عن حصانة الرئيس العراقي في دستور 2005. بل ينص على إمكانية عزله ومحاكمته في حال ارتكابه خيانة عظمى أو انتهاكًا للدستور، بعد إدانته من المحكمة الاتحادية العليا وتصويت البرلمان.
خلاصة: توازن هش بين السيادة والمحاسبة
في زمن تتعاظم فيه الدعوات للعدالة الدولية والمساءلة، تبدو حصانة رؤساء الدول وكأنها سيف ذو حدين. فبين ضرورة الحفاظ على السيادة والكرامة الدبلوماسية، وتحديات ضمان العدالة والمساواة أمام القانون، تظل هذه الحصانة موضوعًا شائكًا في العلاقات الدولية. |
المشـاهدات 149 تاريخ الإضافـة 20/04/2025 رقم المحتوى 61795 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |