الخميس 2025/6/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
نيوز بار
الصراع الايراني الصهيوني: من الخاسر ومن المنتصر ؟
الصراع الايراني الصهيوني: من الخاسر ومن المنتصر ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.د. حسين الزيادي
النـص :

ينبغي القول ان مفهوم النصر من المفاهيم المعقدة والمركبة وهو الان لا يعني كثرة القتلى والخسائر المادية ، و يزداد تعقيداً وغموضاً في الحروب اللا متماثلة، على غرار ما حدث من عدوان امريكي على ايران ، لذا يجب ان لا يقاس النصر وفق المقاييس المطلقة بل لابد ان يخضع للمعايير النسبية والجدلية ، اذ يمكن ان يتحقق الانتصار بمجرّد الصمود والوقوف على المبادئ والأهداف المعلنة والمشروعة ،  ويمكن الاستدلال على الانتصار الإيراني من خلال النقاط الاتية: 1. استطاعت ايران ان تحطم هيبة الكيان الصهيوني وغروره واعطته حجمه الحقيقي، وصنعت مجدا كبيراً، وهي المرة الأولى التي يرى فيها العالم  الضعف والدمار والتخبط في تل ابيب، امام عجز القبه الحديدية عن حمايه احد، وفي الجانب الآخر اثبتت ايران للعالم انها دولة مؤسسات، وليست دوله ضعيفة، وأنها تسطيع الرد على من يعاديها وتأخذ بثأر قادتها .2. استطاعت ايران بمنتهى الحرفية ان تكتسب احترام العالم، واثبتت انها دولة مسالمة مُعتدى عليها، ووازنت بمهارة فائقة بين العمل العسكري والمجال الدبلوماسي، واستطاعت ان تحصل على اكبر قدر من الدعم الدولي،  وظهرت قدرتها واضحة في كسب التأييد ، وبدت اكثر فعالية في إقناع الرأي العام العالمي، حتى الرد الإيراني على الضربة الامريكية لم يأتِ صاخباً عرضياً، بل متقناً وهادئاً، وهو ما يُمثّل قمة التمكن في قواعد الاشتباك العسكري غير المعلن، ولان ايران قرأت جيدًا مفاصل القوة الأميركية في المنطقة، لذا اختارت قاعدة العديد الجوية في قطر، وهي المقر المركزي للقيادة الأميركية في الشرق الأوسط  كمسرح لرسالة مهمة متعددة الابعاد، ابرز معانيها ان الملاذ الأميركي الآمن في الخليج مجرد خرافة، فضلاً عن هزّ الثقة الخليجية في الغطاء الأمني الأميركي، في الوقت الذي انكشفت عدوانية الكيان الصهيوني وغطرسته للجميع، فبعد ان تفاجأ بالقدرة القتالية لإيران ظهر التخبط واضحاً في سياسته واخذ يستنجد بالولايات المتحدة.  3. التف الشعب الايراني حول قيادته بشكل لافت، وظهر الاستقرار السياسي الداخلي جلياً، الأمر الذي يعكس الشرعية الشعبية للنظام، ويبدو ان هذا العامل كان يراهن عليه الكيان الصهيوني من خلال ضرب المواقع المدنية والبنى التحتية، فالاثر السياسي للحرب في ايران يختلف تماماً عنه في الكيان الصهيوني، فمقارعة الظلم يزيد تمسك الشعب بحكومته ويزيد شرعية النظام،  اما في اسرائيل فالأمر مختلف تماماً ، فيومين من القصف الايراني لتل ابيب جعلت المطارات تكتظ بالمهاجرين والاصوات تتعالى منددة بسياسة نتيناهو.4. اظهرت ايران التزاماً اخلاقياً عاليا بقوانين الحرب، فلم تتعرض مباشرة لمفاعل ادمونا على الرغم من وجود الصواريخ القادرة على الوصول إليه ، لانها تدرك ان الضحايا سيكونون من السكان المدنيين، وقد اعطت إيران رسالة تؤكد قدرتها على الوصول الى المفاعل المذكور من خلال استهداف منطقة بئر السبع القريبة من مفاعل ديمونا، في حين لم يتوانى الكيان الصهيوني عن ضرب الاهداف المدنية ، بل حتى السجون لم تسلم من عدوانيته.5. اظهرت ايران امكانية خاصة وتكتيكاً عالياً في المعركة فهي لم تستخدم كل ما لديها من قدرات صاروخية في بداية المعركة، والصواريخ التي أطلقت كانت تهدف الى ما يسمى بالإشباع الجوي، وهي صواريخ قديمة، تهدف الى استنزاف منظومات الدفاع الجوية ، وقد نجحت في ذلك الى حد بعيد، وكان هناك تدرج في إطلاق الصواريخ، فقد أطلقت إيران في ردها الأول على الهجوم الصهيوني أكثر من 200 صاروخ، ثم انخفض العدد تدريجيًا ، مع اتخاذ العملية بعداً نوعيًا، إذ أصبح العدد أقل، لكن بأنواع متطورة.6. اظهرت الحرب هشاشة الجبهة الداخلية للكيان وعدم الانتماء للأرض، فمجرد ان اشتدت ضراوة المعركة تزعزع الداخل الصهيوني، وبدأت حملات الهجرة تشتد وظهرت الاصوات المعارضة للحرب. 7. استطاعت ايران ان تكشف خيوط المؤامرات والدسائس والجواسيس، الذين امضى الموساد سنوات عديدة في زراعتهم داخل الجسد الايراني وتخلصت منهم ، وكان الموساد يراهن بقوة على ههؤلاء الذين استطاعوا الوصول الى داخل مؤسسات صناعة القرار.8. في حال عودة الطرفان إلى طاولة المفاوضات فأن ايران ستعود وهي قوية مقتدرة منتصرة ،وهذا ما يسمى بمفاوضات الأقوياء، وليس بمقدور احد ان يملي عليها شيئاً.9. عجزت القبة الحديدية عن صد الصواريخ الايرانية، فخسر الكيان الصهيوني مواقع وموانئ وبنايات حيوية ومؤسسات حكومية، وشُلت قدراته الاقتصادية، وبين ليلة وضحاها اصبح خمسة ملايين صهيوني يبيتون في الملاجئ ، ولو تخلت الولايات المتحدة عن الكيان الصهيوني فأنه سيصبح عيناً بعد اثر.10. لم تتخلى ايران عن مبادئها وثوابتها على الرغم من مواجهة أقوى دول العالم من حيث التكنولوجيا والقدرات وهي القوة الامريكية، التي فشلت في تغيير خريطة الشرق الأوسط فشلاً ذريعاً، ويقيناً لو انتصر الكيان الصهيوني فسيكون السيناريو المصري والخليجي والعراقي قادماً لا محاله وسيكون الجميع تحت المظلة الصهيونية. يمكن القول ان الذي حققته ايران يُعد نصراً بكل المقاييس والمعايير السياسية والعسكرية، لأنها استطاعت ان تنهي اسطورة القوة الصهيونية، وقطعاً سيسجل التأريخ ملحمة قادتها إيران وضربت فيها الصهيونية في عقر دارها في الوقت الذي تخاذل فيه العالم، ليقف موقف المتفرج والمنبهر إزاء قوة إيران وقرارات قادتها التي حطمت خرافة الجيش الذي لا يُهزم، وكشفت زيف التفوق العسكري والتقني الصهيوني .

 

المشـاهدات 31   تاريخ الإضافـة 26/06/2025   رقم المحتوى 64307
أضف تقييـم