
![]() |
(حين يصبح الإنسان سلعة في أسواق الاستغلال المعولم) |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
عبر التاريخ البشري لم يكن الصراع خيارا طارئا، بل سمة متأصلة في العلاقات منذ أن بدأ الإنسان يعي الآخر، ويقرأ في سلوكه نوايا قد تكون مهدِّدة أو منافسة. ومنذ ذلك الحين تشكلت ثنائية دقيقة بين الحاجة والتسلط، بين التعاون والاستغلال.لقد بدأ الانسان الأول صراعه مع الطبيعة من أجل البقاء، ثم ما لبث أن نقل هذا الصراع إلى محيطه الاجتماعي، حين ظهرت أولى بوادر التملك والمصالح المتضاربة. وفي خضم هذا التحول بدأ الاستغلال يظهر كأداة لتحقيق التفوق ليس بالضرورة عبر العنف المباشر بل أحيانا عبر الخداع، الهيمنة الرمزية، القوة ، أو احتكار الموارد ،ومع تطور المجتمعات تحولت ممارسة الاستغلال من مجرد فعل فردي إلى سلوك ممنهج تمارسه الكيانات والمؤسسات لتصل ذروتها اليوم في ممارسات الدول والشركات العابرة للقارات لم يعد الاستغلال مجرد استغلال شخص لآخر، بل بات نظاما متكاملا يدير المصالح، يوجه الرأي العام، ويعيد تشكيل خريطة النفوذ السياسي والاقتصادي على مستوى الكوكب.إن التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي شهدها العالم خلال القرنين الماضيين وخاصة في ظل العولمة والنيوليبرالية أفرزت أنماطا جديدة من الاستغلال المقنّع ،شركات تبيع وهم التنمية للدول الفقيرة مقابل نهب الموار د ،منظمات تدعو إلى الشفافية والحرية فيما تخدم أجندات خفية ،تدخلات إنسانية، ظاهرها الرحمة وباطنها إعادة رسم للنفوذ والاستغلال،أما على مستوى الأفراد، فقد أصبح الإنسان المعاصر في بعض السياقات مادة للاستغلال ذاته عبر بياناته وسلوكه الرقمي واستهلاكه اليومي بل وحتى معاناته و آلامه التي يعاد إنتاجها وتسويقها في منظومات رأسمالية قادرة على تحويل كل شيء إلى سلعة واستغلال وثمن ، لقد تجاوزنا اليوم عتبة الاستغلال كـظاهرة اجتماعية لنصل إلى مرحلة الاستغلال كهيكل بنيوي في النظام العالمي تُسهله التكنولوجيا الإلكترونية وتغذيه الأزمات، وتبرره سياسات الواقع وذرائع الضرورة الوطنية أو الحرية الاقتصادية وفي هذا السياق، لا يكفي أن نرصد الظاهرة، بل ينبغي مساءلة البنى التي تنتجها وتكرسها. لأننا إذا لم نتحرك كافراد ،مثقفين، اعلاميين ،منظمات وصناع قرار، فإننا لا نواجه فقط خطر التهميش والتبعية والضياع، بل نساهم في صنع مصيرنا البائس لانه حين يتحوّل الذكاء إلى وسيلة هيمنة والتطور إلى أداة استغلال تصبح العدالة آخر ما تبقى لإنقاذ معنى الحياة. |
المشـاهدات 192 تاريخ الإضافـة 02/08/2025 رقم المحتوى 65319 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |