الأحد 2025/8/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 37.95 مئويـة
نيوز بار
حين يشفّ الشعرعن الروح قراءة نقدية في تجربة أمنية كانوني الشعرية( لالىء على بريق التجلي )
حين يشفّ الشعرعن الروح قراءة نقدية في تجربة أمنية كانوني الشعرية( لالىء على بريق التجلي )
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

عبد الكريم حمزة عباس

 

صدر مؤخرًا عن دار "جامعة المبدعين المغاربة" ديوان "لآلئ على بريق التجلي" للشاعرة المغربية أمنية كانوني، وهو عمل شعري يتخطى حدود التعبير الجمالي التقليدي، نحو عالم من الانخطاف الوجداني والتأمل الروحي، يُلامس به الشاعر الكائن في أعمق مناطقه، فيحيله إلى لؤلؤة من البوح النقي على ضوء التجلي"."

يحمل العنوان أبعادًا رمزية كثيفة. فالـ"لآلئ" تحيل إلى الدرر المخبوءة في أعماق الروح، أما "بريق التجلي" فيستدعي الحضورالنوراني،الصوفي، الكشفي، حيث تنكشف الذات أمام ذاتها، وأمام المطلق. بهذا، يؤسس العنوان لعلاقة حميمة بين الداخل والخارج، الغيب والحضور، الرؤية والقصيدة.

تتسم قصائد الديوان بلغة شعرية رفيعة، قائمة على الرمز والإيحاء، لكنها في الوقت ذاته مشحونة بشحنة وجدانية تعيدنا إلى جذورالشعر الصوفي، حيث يصبح الشعر كشفًا روحيًا لا مجرد تشكيل لغوي، فاللغة في هذا العمل ليست أداة تعبير وحسب، بل هي كيان فاعل، تشكل عالمًا من الصور الكثيفة، المشحونة برموز تستقي من التصوف والرؤية الوجودية عناصرها، وتتجاوز ظاهر القول لتلمس جوهر الوجدان.

في هذا السياق، تكتب أمنية كانوني قصيدتها من أعماق الذات، لا من سطح التجربة. فهي لا تبحث عن وصف العالم، بل عن تفكيكه داخل الذات، وإعادة تركيبه عبر التأمل، الذاكرة، الحنين، الانكسار، والبحث عن المعنى.

تحضر الأنثى الفاعلة في الديوان، لا بوصفها موضوعًا غزليًا، بل بوصفها كائنًا شعريًا مكتملًا، يكتب ذاته، ويعبر عن كينونته، ويواجه العتمة بالنور.

هذا الحضور الأنثوي العميق، لا ينفصل عن رؤية الشاعرة للقصيدة كفعل وجودي-وجداني، تتوسل من خلاله الإنصات لا الصراخ، التأمل لا التلقين، البوح لا الخطابة.

تعتمد الشاعرة على بناء شعري مفتوح، غير خاضع للقوالب العروضية الكلاسيكية. لغتها مشحونة بالانزياحات الدلالية، والتكثيف، وكأن كل عبارة كناية عن ألمٍ أو رجاءٍ أو شوقٍ يتعذر قوله صراحة.

يوضح الناقد( فرحاوي سعيد) في تقديمه للديوان:

 أن الشاعرة تحاور الإدراك، وتخاطب الأهواء، في سياق تتأسس فيه القصيدة على الإشارات المركبة، فتكون الكتابة فعلاً تأويليًا يعيد ترتيب مضامين الوجود من زوايا مغايرة

يتنوع الديوان من حيث الموضوعات: من الغربة والحنين، إلى التأملات الوجودية، والابتهالات الروحية، والتجارب العاطفية، لكن كل هذه التيمات تتوحد داخل رؤية تأملية حساسة للعالم والذات، لا تنفصل عن سؤال الكينونة، ولا تتورط في المباشرة.

"لآلئ على بريق التجلي" ليس مجرد ديوان شعري، بل هو رحلة وجودية مكتوبة باللغة. أمنية كانوني ليست فقط شاعرة تمتلك أدواتها الفنية، بل كاتبة رؤية، وواعية بأهمية الشعر كمساحة للكشف والمجاهدة والتجلي.

ديوانها هذا يشكل علامة فارقة في مسار الشاعرة، ويستحق التوقف عنده، لأنه لا يقدم قصائد للقراءة العابرة، بل دعوة إلى التأمل في ما وراء اللغة وما وراء الذات

المشـاهدات 30   تاريخ الإضافـة 09/08/2025   رقم المحتوى 65605
أضف تقييـم