الأربعاء 2025/8/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 39.95 مئويـة
نيوز بار
المخدرات بين النصوص العقابية واجراءات الوقاية منها
المخدرات بين النصوص العقابية واجراءات الوقاية منها
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

‏د. علي كاطع حاجم

 

‏ الوقاية خير من ألف علاج مقولةٍ كثيراً ما نسمعها في مجالات الحياة الطبية وغيرها اذ تمثل المخدرات واحدة من اخطر القضايا التي تواجه المجتمعات الحديثة لما لها من اثار مدمرة على الصحة والامن والاقتصاد وسائر الخدمات في تلك المجتمعات

‏ وإذ كان من الممكن ان تعد آفة المخدرات هي راس الامراض ومفتاح الشر لكل الجرائم بعد ان تفقد العقل صوابه لينطلق الجسد في اهوائه ويشبع شهواته اللامحدودة من غير ضوابط تحكمه ومن هنا نحن بحاجه الى ضوابط قانونية تنظم تصرفات الناس بالحد الذي لا يتجاوز تلك الحرية والتسبب بالضرر للأخرين او ان يكون هذا السلوك جريمة يحاسب عليها القانون وفقاً للتشريعات النافذة ،وبعد حصول الجريمة نكون امام حالة من الضحايا والاضرار والإجراءات الرادعة والاصلاحية في محاولة لإعادة الأمور الى نصابها السابق قبل وقوع الجرائم والتي يعجز عنها القانون ووسائله لأعاده الحال الى ما كان عليه لاسيما في جرائم القتل والجروح والعوق التي تلحق بالضحايا وسط هذه الفوضى الناتجة عن اثار المخدرات والمؤثرات التي تصيب العقل كان لا بد من إيجاد نظام وقائي منظم يكون الفيصل الأساس لحماية المجتمع من خطر المخدرات المتنامي ،وهو قطب الرحى لسائر الأدوات المساعدة والمساندة له للسيطرة على ظاهرة المخدرات التي بدأت تتسع خارج نطاق سيطرة الدول كونها من الجرائم العابرة للحدود ودخل فيها التنظيم لتكون من الجرائم المنظمة خارج قدرات الدولة منفردة وعليه لابد من إجراءات وقائية استخبارية تساهم بصورة فعالة بالحد من تلك الجريمة المتطورة وقد حاول المشرع العراقي مجارات التطور في مجال مراعاة حقوق الانسان اذ ميز بين المتعاطي للمخدرات باعتباره ضحية وبين تاجر المخدرات باعتباره مجرم فأصدر قانون رقم 50 لسنة 2017والمسمى قانون المخدرات والمؤثرات العقلية وكان لهذا القانون الأثر الأكبر في الوقاية من تلك الجرائم وقد منح القانون صلاحيات واسعه لرجل الشرطة في محاولة للسيطرة عن هذه الافة المنتشرة بالمجتمعات ومن خلال النص القانوني وعلاقته بسائر القوانين ذات الصلة لإيجاد وسائل وأدوات تساهم بالوقاية اولاً ثم العمل على التصدي من هذه الجرائم اذ ان الوقاية خير بألف مرة من العلاج للظواهر الاجرامية الناتجة عن المخدرات وآثارها ومن وسائل الوقاية هي عملية جمع المعلومات تداول المخدرات وتحديد راس الهرم بالنسبة لجرائم المخدرات المنظمة اذ ان ضرب تلك الرؤوس الاجرامية هي صمام امان ووقاية لشرائح المجتمع المتورطة معها ويعد المجتمع وشرائحه المتباينة هم السلاح الوقائي الحقيقي لرصد ومنع والتصدي لجميع الظواهر السلبية بما فيها المخدرات ولعل السطات الأمنية باعتبارها المكلف بأمر القانون ان تتصدر ذلك العمل الوقائي بعد ان يمد جسور الثقة مع سائر الفئات في المجتمع من موظفين والتدريسين والقوات العسكرية وفقا لنسبة كل فئة بالمجتمع فاذا ما تظافرت الجهود شكل ذلك حاجزاً وقائياً امام الفئات الضالة في وسعيها للحصول على المخدرات. فالمخدرات هي مجموعة من المواد قد تكون طبيعية او صناعية تسبب الادمان والمرض للمتعاطي ويمنع تداولها او زراعتها او حتى صناعتها وفقا للنصوص القانونية .

‏ ان قانون المخدرات في العراق ليس حديث النشأة اذا يعود تاريخ هذا الموضوع الى الثلاثينيات من هذا القرن عندما صدر قانون منع زراعة الحشيش والافيون رقم 12 لسنة 1933 وبعد خمسة اعوام من هذا القانون اصدر المشرع العراقي قانون يتعلق ايضا بالمخدرات ولكن اطلق عليها اسم بذلك الوقت بالعقاقير الخطرة والمخدرة قانون رقم 44 لسنة 1938 ثم التزم المشرع الصمت لفترة ليست بالقليلة اذ امتدت لسبعة وعشرون سنة الى ان اصدر قانون رقم 68 لسنة 1965 والذي يتكون من 17 مادة وبدأت التفاصيل التشريعية في هذا القانون وفق التطور السكاني والاجتماعي والسياسي للدولة العراقي انذاك وعلى الرغم من وجود العديد من الثغرات القانونية في هذا القانون الا المشرع العراقي وبعد فترة زمنية طويلة أي حوالي 37 سنة لجأ الى تعديل القانون المذكور بقانون 28 لسنة 2002 وحاول أن يغطي النقص التشريعي ويواكب التطور في المجتمع العراقي في ظل ظروف سياسية صعبة اقترنت بأقصى عقوبة لهذه الجريمة متجاوزا لحقوق الانسان وتدرج العقوبة وتناسبها مع الفعل الجرمي المتعلق بالمخدرات.

‏ ولكن بعد عام 2003 وفي ظل الدستور العراقي النافذ 2005 والتطور التشريعي على كافة الميادين اذ حاول المشرع مرة اخرى ان يضع قانون للمخدرات يواجه فيه التحديات الامنية والسياسية والاجتماعية ليتعامل مع شعب بلغ عدد نفوسه تقريباً (45) مليون انسان وعانى من ارهاصات الاحتلال الامريكي ثم الهجمات الشرسة من قبل التنظيمات الارهابية ومحاولة تجزئة البلاد واشعال نار الفتنة الطائفية ولربما كان من بين الاسلحة المستخدمة هي المواد المخدرة وجعلها في متناول اليد وسهولة ايصالها للمتعاطين

‏لقد حاول المشرع ان يضع الحلول المناسبة لهذه الافة الاجتماعية الخطيرة وحاول المشرع ان يراعي حقوق الانسان و اضفاء العلاج الصحي والنفسي للمتعاطين والمساهمة بعودة المواطن العراقي الى المجتمع سالما والاستفادة من الطاقات البشرية وكذلك واكب هذا القانون التشريعات الدولية المراعية للحقوق الانسانية في هذا المجال كما فصل في مواده وملاحقه المكونة من 51 مادة انقسمت بين عقابا رادع وعلاجا ناجع وردع نافع لباقي شرائح المجتمع ومحاولة السيطرة على هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا وتنظيم الحلول الوقائية والعلاجية لها ، ورغم وجود قوانين رادعه لجرائم المخدرات الا ان هناك صعوبات كبيرة في تطبيقه .

المشـاهدات 74   تاريخ الإضافـة 15/08/2025   رقم المحتوى 65683
أضف تقييـم