الأحد 2025/8/17 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 38.95 مئويـة
نيوز بار
السياسة والسياسيون والثقة المفقودة!!
السياسة والسياسيون والثقة المفقودة!!
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي
النـص :

 

 

بدأ الناس عبر العالم يفقدون الثقة بالسياسة والسياسيين شيئاً فشيئاً، فبحسب استطلاعات الرأي أجراها مركز (بيو) لاستطلاعات الرأي ظهر تراجع ثقة الأمريكيين في حكومتهم خلال الفترة من 1958 إلى 2024 فوجد أنه بينما كان 75% يثقون بالحكومة قبل 67 عاماً، أصبحت النسبة 22% في العام الماضي، وفقدان الثقة هذه بالسياسة والسياسيين تتفاوت من شعب لآخر، وفي العراق يزداد فقدان الثقة بالسياسيين والمسؤولين بشكل كبير نتيجة التراكمات التي عانى منها العراقيون خلال السنوات الماضية، جعلت نسبة كبيرة منهم تعزف عن المشاركة في الانتخابات؛ بسبب الاحباط واليأس الذي استولى على الناس، وهذا شيء طبيعي لما آل إليه حال العراقيون، فنحن في القرن الواحد والعشرين وفي العام 2025 منه ولا زالت الكهرباء مفقودة على الرغم من المليارات من الدولارات التي صرفت عليها والتي لا يعرف الناس بجيب من ذهبت تلك الأموال، فباعتراف وزير الكهرباء الأسبق لؤي الخطيب قبل أيام بقوله: أن 10 مليارات دولار سنوياً أي ما يعادل نصف التخصيصات السنوية للوزارة تسرق، وهذه السرقات تمرر تحت غطاء قانوني!! ومع أن الناس تعرف بالسرقات في هذه الوزارة العتيدة وربما كان حجم هذه السرقات قد يخفى على بعض الناس، وعلى الرغم من هذه المليارات التي صُرفت وتُصرف على الكهرباء لا يزال الناس يعتمدون على كهرباء المولدات الأهلية والتي لولاها لكان حال الناس يرثى له في هذا الصيف الحار اللاهب. الفساد في العراق لا نظير له في العالم حتى بات مشرعناً. والفقر يشكل ما نسبته 17.5% لعام 2025 حسب الاحصائيات الرسمية لوزارة التخطيط العراقية، وهي نسبة ليست بالقليلة بالنسبة لدولة كالعراق تمتلك ثروات هائلة لو استغلت بشكل صحيح، وقضي على الفساد الذي يمتص قوت العراقيين، البطالة تزداد سنة بعد سنة بين صفوف الشباب الذين يتخرجون من الجامعات والكليات والمعاهد والذين يقارب عددهم (250) ألف سنوياً، وسوف يزداد هذا العدد حتى يصل إلى مليون خريج عام 2030 بحسب وزير التعليم العالي في العراق ناهيك عن العاطلين عن العمل من غير الخريجين. فأمام غياب الخدمات الأساسية أو رداءة الخدمة المقدمة منها سواء على مستوى الكهرباء والماء والصحة والتربية والتعليم وبقية الخدمات الأخرى، وأمام الفساد المستشري والسرقات والاختلاسات بالمليارات التي تزكم الأنوف ويقف وراءها سياسيون ومسؤولون ومتنفذون يظهر ذلك من خلال التسريبات في الوثائق أو التسجيلات الصوتية ولا حساب ولا مساءلة لأحد من هؤلاء! أمام الهدر بالمال العام في وقت يعيش بعض العراقيون على الزبالة، أو يعيش الكثير من الموظفين الصغار من الدرجات الدنيا على راتب لا يتجاوز 250 الف دينار أو 300 الف، هذا المبلغ الزهيد الذي لا يسد الرمق فلا يكفي لأيام قليلة أمام متطلبات الحياة الكثيرة، هذا الهدر بالمال العام يتمثل بأرتال وحمايات السياسيين  -والكثير منهم لا يملكون أي منصب بالدولة العراقية- ومع ذلك تجد موكب أحدهم مكون 20 و30 و40 سيارة من السيارات الفارهة من نوع لاندكروزر والتاهو والكاديلاك التي تكلف خزينة الدولة من شراء ووقود وصيانة الأموال الطائلة والتي تكفي لمعيشة الآلاف من الناس، تجد في حمايات هؤلاء السياسيين رتب عسكرية عالية وبعضهم حاصل على شارة (ركن)، وهنا سؤال يُطرح ولا يوجد له جواب كيف يحق لرئيس حزب أو سياسي ليس له عنوان رسمي في الدولة أن يسحب جنود وضباط برتب عالية من الجيش أو الشرطة صرفت الدولة على إعدادهم وتأهيلهم أموال طائلة ويضمهم إلى حمايته؟!! لذا فأمام كل هذه التراكمات هل يبقى أحد له ثقة بالسياسة والسياسيين وما يطرحونه في تجمعاتهم ومؤتمراتهم لا سيما مع اقتراب الانتخابات البرلمانية؟ لهذا تجد أن الناس قد انقسموا تجاه هؤلاء السياسيين إلى ثلاث فئات، الفئة الأول: أناس بسطاء فقراء يتقربون إليهم ويتوددون لهم طمعاً في الحصول على فرصة تعيين أو عمل أو عقد أو الحصول على الخدمات لمناطقهم وقراهم؛ وبعبارة أخرى يستجدون منهم وكأن هؤلاء السياسيين هم أوصياء على ثروات البلد وأمواله، ويتصدقون على الناس من جيوبهم لا من خيرات البلد وأموال الشعب، والفئة الثانية: من الناس من هو مستفيد ومنتفع من هؤلاء السياسيين فتراه يتملق لهم، ويدافع عنهم بكل ما أوتي من قوة، يقف معهم ويناصرهم على الحق والباطل، فهؤلاء عبيد الطغاة والظلمة وأعوانهم في كل زمان ومكان، وهم أشد خطراً من السياسيين أنفسهم، لذا ينسب لابن خلدون قوله: "لو خيروني بين زوال الطغاة أو زوال العبيد، لاخترت بلا تردد زوال العبيد؛ لأن العبيد هم الذين يصنعون. والفئة الثالثة: ويمثل هذه الفئة الغالبية العظمى من العراقيين الذين باتوا مقاطعين لهؤلاء السياسيين، هذه الفئة التي لم تعد تُصدّق بأقوال هؤلاء السياسيين، ولا تثق بوعودهم، بل يئست من إصلاحهم وصلاحهم. هذا للأسف نتاج العملية الديمقراطية التي جاءت بها أمريكا بعد أكثر من عقدين من الزمن، فساد، وفقر، وبطالة، وانعدام الخدمات، ومصير مجهول للعراق ولشعبه، فبعد كل ذلك هل تبقى ثقة بالسياسة والسياسيين؟!      

المشـاهدات 36   تاريخ الإضافـة 16/08/2025   رقم المحتوى 65720
أضف تقييـم