الثلاثاء 2025/8/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 35.95 مئويـة
نيوز بار
حين تستيقظ الطائفية
حين تستيقظ الطائفية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب رياض الفرطوسي
النـص :

 

 

 

قبل أن نغفو على وهم الاستقرار، هناك من يجرّب طرق جدران الطائفية من جديد. أصوات تتسلل بين الكلمات لتعيدنا إلى زمن الخنادق، وكأن كل ما دفعناه من دماء لم يكن كافياً.

في كل مرة يظن العراقيون أن صفحة الطائفية قد طويت، يطل علينا خطاب يذكّرنا بأن هذا الخطر لم يغادر بعد. كلمات محسوبة أو عابرة قد تتحول إلى شرارة، والشرارة في بلد مثل العراق تكفي لإشعال حريق لا يعرف أحد كيف يطفئه.

 

التجارب حولنا وفي التاريخ تقول إن الطائفية ليست خلافاً عابراً بين مكوّنات، بل مرض إذا استفحل دمّر الدول من الداخل. أوروبا التي نراها اليوم متماسكة عاشت قروناً من الحروب الدينية، وفي إيرلندا استمر الصراع الدموي بين الكاثوليك والبروتستانت حتى نهاية القرن العشرين، وسويسرا التي تتغنى بالحياد خاضت حرباً أهلية طائفية في منتصف القرن التاسع عشر.

 

الطائفية حين تتسلل إلى العقول، تحوّل المجتمع إلى معسكرين لا يجمع بينهما سوى الخوف والكراهية. لا تعترف بالحلول الوسط، ولا ترى في الوطن إلا غنيمة يجب اقتسامها أو السيطرة عليها. والأخطر أن من يروّج لها اليوم لا يقدّم حلولًا لمشاكل الناس، بل يبحث عن عدو وهمي ليغطي فشله.

 

العراق لا يحتاج إلى من يذكّره بجراحه، بل إلى من يضمّدها. إعادة إنتاج الخطاب الطائفي اليوم ليست فقط خطوة إلى الوراء، بل هي دعوة مفتوحة لعودة الفوضى. والأخطر أن الفوضى حين تبدأ، لا تعود تفرّق بين من أشعلها ومن وقع ضحيتها.

 

الطائفية لا تستيقظ فجأة، بل توقظها الأصوات النشاز التي تتغذى على الخوف والفرقة. مسؤولية الجميع، مواطنين وقادة، أن يضعوا حداً لهذا الصوت قبل أن يتحول إلى ضجيج يبتلع ما تبقى من استقرار.

 

 الطائفية ليست رأياً سياسياً ولا وجهة نظر، إنها حفرة مظلمة يعرف العراقيون جيداً كم كلّفتهم للخروج منها. ومن يلوّح بها اليوم، كمن يجرّ البلاد بيده نحو الحافة. وعند الحافة، لا يربح أحد.

المشـاهدات 134   تاريخ الإضافـة 18/08/2025   رقم المحتوى 65752
أضف تقييـم