متابعة ـ الدستور الرياضي

تتواصل فصول الأزمة بين ريال مدريد والمنظومة التحكيمية في إسبانيا، والتي باتت تتجاوز مجرد الاعتراض على قرار في مباراة، لتتحول إلى صراع مفتوح يمتد بين الماضي والحاضر.آخر حلقات هذا التوتر انفجرت عقب مواجهة ريال سوسيداد في ملعب "أنويتا"، حين شعر النادي الملكي أنه كان ضحية جديدة لما وصفه بـ"التحكيم المنحاز"، ليقرر الرد بخطوة غير مسبوقة، إعداد ملف كامل يضم الحالات التحكيمية المثيرة للجدل منذ بداية الموسم الحالي، وحتى بعض وقائع الموسم الماضي، وإرساله إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".الغضب المدريدي لم يكن وليد اللحظة فقط، شرارة المباراة أمام ريال سوسيداد كانت واضحة، بطرد المدافع الشاب هويسن دون مراجعة تقنية الفيديو، رغم أن الحالة لم تستوف الشروط الواضحة للطرد المباشر، فالمهاجم أويارزابال كان بعيدًا عن المرمى، فيما كان ميليتاو قريبًا لتغطية الموقف.هذا القرار أثار استياء اللاعبين، وجعل حتى مدرب الفريق تشابي ألونسو، المعروف برباطة جأشه، يفقد هدوءه لينال بطاقة صفراء وهو يطالب بتفسير.بالنسبة للمدريديستا، ما جرى لم يكن سوى مثال جديد على سلسلة من القرارات التي تضر بالفريق.

الماضي والحاضر

لكن ما يثير الانتباه أن خطوة مدريد لم تقتصر على مباراة واحدة، فعبر قناة النادي الرسمية، استُعيدت أرقام تعود إلى الحقبة المرتبطة باسم نيجريرا، وأبرزها أن برشلونة استفاد منذ بداية القرن من اللعب بـ"أفضلية عددية" في 65 مباراة بسبب حالات الطرد، مقابل مباراتين فقط خاضهما منقوصًا.أرقام يراها المدريديستا صادمة، وتكشف خللًا ممنهجًا لا يمكن أن يمر مرور الكرام.أما عن اللقطات المثيرة الأخرى، فقد كان الهدف الملغى لأردا جولر بداعي تسلل كيليان مبابي محطة نقاش جديدة، إذ اعتبر النادي أن اختيار اللقطة من جانب الـVAR غالبًا ما يأتي في غير صالحه. ورغم أن هذا القرار لم يُحدث نفس الضجة، فإنه أُدرج في قائمة الاعتراضات كجزء من "الصورة الكاملة".ريال مدريد يربط كل ذلك برؤيته الأوسع للأزمة، فالنادي كان قد أعلن قبل انطلاق الموسم أنه لا يثق في التغييرات التي طالت اللجنة الفنية للحكام (CTA)، وأنه سيواصل الضغط إلى أن يتم استبعاد كل من له صلة مباشرة أو غير مباشرة بقضية نيجريرا.ووفقًا للتقارير في إسبانيا، فإنه بالنسبة للإدارة، هذه ليست مجرد حرب على قرارات داخل الملعب، بل معركة دفاع عن نزاهة المنافسة وسمعة كرة القدم الإسبانية.

برشلونة في قلب الاتهامات

الأمر لم يقتصر كذلك على مباريات ريال مدريد وحده، ففي الملف الذي سيُرفع إلى "فيفا"، أدرج النادي حالات أخرى مثل لقاء برشلونة أمام رايو فاليكانو الذي شهد فترات بدون عمل تقنية الفيديو، بالتزامن مع احتساب ركلة جزاء مثيرة للجدل للامين يامال.النادي يرى أن هذه الحوادث مجتمعة تشكل نمطًا لا يمكن السكوت عليه، وأن نقل القضية إلى الاتحاد الدولي هو وسيلة لكسر دائرة الصمت والضغط على المنظومة المحلية.في النهاية، تبدو المعركة مرشحة للتصعيد، فمدريد يصر على أنه يتعرض لـ"ظلم ممنهج" بدأ منذ سنوات ولم يتوقف، وبرشلونة يظهر في قلب الاتهامات، بينما تظل لجنة الحكام تحت المجهر.وبإرسال الملف إلى "فيفا"، فإن النادي الملكي لا يسعى فقط لفت الانتباه، بل يوجه رسالة واضحة: ريال مدريد لن يتوقف عن القتال حتى تعود العدالة إلى الملاعب الإسبانية.