الثلاثاء 2025/10/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 19.95 مئويـة
نيوز بار
قمة شرم الشيخ أعادة للعراق موقعه الاستراتيجي في المنطقة
قمة شرم الشيخ أعادة للعراق موقعه الاستراتيجي في المنطقة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد حسن الساعدي
النـص :

 

 

 

يُعدّ حضور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى القمة التي عُقدت في شرم الشيخ بشأن غزة وحضرها عدد من القادة والرؤساء من العالم خطوة رسمية وسياسية تحمل أكثر من بعد فهي ليست مجرد مشاركة في مؤتمر إقليمي بل تعبير عن موقف يُراد أن يُقرأ داخليًّا وإقليميًّا وعالميًّا،ولأن الأزمات في الشرق الأوسط ترتبط بشبكة من التحالفات والمصالح بين الدول،فإن هذه المشاركة لا تخلو من جدليات وتحديات رافقت أنعقادها.تاتي أبرز هذه التحديات من خلال مشاركة العراق والتي جاءت استجابة لدعوة مشتركة من جمهورية مصرالعربية ودعم الولايات المتحدة الامريكية لمناقشة الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الحرب في غزة وإعادة تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، فيما على الصعيد العراقي، يُنظر إلى هذه الدعوة باعتبار أن العراق جزء لا يتجزأ من منطقة الشرق الأوسط، وأن أي ترتيبات أو حلول للأزمة الفلسطينية لا يمكن أن تمرّ دون إشراكه.  برزت المواقف وردود الافعال الداخلية واعتبرته تحدياً سياسياً ومخاطرة بالوضع السياسي الداخلي للعراق، فأحد أبرز النقاط الجدلية كان تهديد السوداني بالانسحاب من القمة في حال مشاركة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إذ أن هذا التهديد يُعدّ بمثابة رسالة سياسية واضحة تُفصح عن “خط أحمر” يضعه العراق بالنسبة لأي محاولات لتطبيع أو ربما تورية مشاركة إسرائيل في مثل هذه المنابر، ما يُظهر سعي العراق للحفاظ على “الموقف الوطني” الذي يعتبر القضية الفلسطينية من أولويات الرأي العام العراقي.برزت بعض الأصوات المعارضة والرافضة لمشاركة العراق في القمة واعتبرت المشاركة في مثل هذا المؤتمر، الذي يُدعى إليه أطراف دولية تختلف مصالحها عن الاخرى قد تغري بعض الأطراف للترويج لمواقف تُمسّ بالسيادة أو تُحدث سياسياً داخلياً.من اهم المكاسب السياسية المحتملة لمشاركة العراق في هذه القمة هي إظهار الاستقلالية والممارسة الدبلوماسية ،وسعى العراق لإيصال إشارات بأن قراره في الملفات المصيرية له وزنه، وأنه ليس مجرد متلقٍ للقرارات الخارجية، وهذا ما تٌرجم من خلال التهديد بالانسحاب في حال مشاركة إسرائيل والذي يكشف عن محاولة التوازن بين الالتزام بدعوة دولية وبين ضمانات بعدم وجود مساس بالموقف الوطني الرسمي تجاه القضايا العربية والاسلامية واهمعا قضية فلسطين المصيرية.يأتي هذا اللقاء بنتائج إيجابية للعراق من خلال تعزيز العلاقة مع الدول الفاعلة فاللقاءات الجانبية، وُثّقت ترحيبات وفرص للتشاور بين السوداني وقادة دول وحكومات أخرى، منها لقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي تم من خلاله بحث إعادة إعمار غزة، وتفعيل التعاون العراقي الفرنسي في مجالات البنى التحتية والطاقة.  العراق يقف متوازنا بين قوة تأثير إيرانية في المنطقة من جهة، وضغط مصالح أمريكية وسعودية ومصرية من جهة أخرى، فربما المشاركة في محافل كهذه قد تُفسّر في بعض الدوائر على أنها ميل تجاه محور دون آخر، إذا لم تُصاحبها مواقف محايدة ومعلنة بوضوح، الا ان الواضح العراق ذاهب الى أبعد من ذلك من خلال تثبيت مواقفه الرسمية لمجمل القضايا العربية والاسلامية والتي ينظر لها على انها قضايا مصيرية للامة.إن مشاركة السوداني في قمة شرم الشيخ تُعد محاولة للمشاركة في الزخم الدبلوماسي الدولي حول ملف غزة، واستثمار الفرصة لإبراز دور العراق في إعادة تشكيل خارطة العلاقات الإقليمية بعد الحرب التي دارت رحاها في المنطقة، ولكن هذا ليس بلا مخاطرة، إذ إن التوازن الذي يعمل عليه السوداني بين الطموح في النفوذ الدبلوماسي والحذر من الاصطدام الداخلي مع القوى المعارضة، تُشكّل تحديًا كبيرًا.إذا أراد العراق أن يستفيد فعليًّا من هذه المشاركة، فعليه أن يرافقها بمبادرات ميدانية ملموسة في ملف الإغاثة، والضغط على الأطراف الدولية للتنفيذ وليس الاكتفاء بالكلمات،كما أن التزامه بحدود “الخطوط الحمراء” مثل عدم التطبيع أو المساومة على الموقف الفلسطيني سيكون مفتاح ثقة داخليّة وخارجيّة.يبقى مفتاح الحل أن يسعى العراق لفتح باب الحوار بين الشرق والغرب،خصوصاً وان هناك ثقة بالعراق حكومة ونظاماً من قبل العالم والذي ينظر لهذا البلد الذي تعرض لاسوء حملات همجية منذ عام 2003 قادر على تجاوز هذه المحن والنهوض وهذا ما نشهده من خلال التبادل السلمي للسلطة بين مجمل الحكومات التي تشكلت منذ عام 2005 والى الان.

 

المشـاهدات 33   تاريخ الإضافـة 20/10/2025   رقم المحتوى 67525
أضف تقييـم