الخميس 2025/10/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 18.95 مئويـة
نيوز بار
من لوحات هولندا الضوئية إلى دفوف العراق الناقرة.. لماذا نرقص على أنقاض ذوقنا ؟
من لوحات هولندا الضوئية إلى دفوف العراق الناقرة.. لماذا نرقص على أنقاض ذوقنا ؟
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علاء الطائي
النـص :

بسم الله الرحمن الرحيم أيها الناخب الكريم بينما تتنقل عيناك بين هذه السطور دعها تتخيل للحظة مشهدين: المشهد الأول – هولندا ٢٩ تشرين الأول.  ساحات نظيفة لوحات ضوئية مضيئة تجمع برامج كل كتلة انتخابية في مكان مخصص- منظم- مهيب.  الناخب هناك يُعامل كعقل يُخاطب كإرادة حرة- كشريك في بناء الوطن. البيئة المحيطة به تحترم عقله وتناغم جمالية المكان مع جدية الحدث.  إنها رسالة صامتة تقول: * السياسة فن * والإدارة علم  * والمواطن غاية المشهد الثاني –  العراق ١١ تشرين الثاني.  ساحات وازقة وشوارع غُرِقت في فيضان من الصور الملونة التي تتصارع على جدراننا وأرصفة وكأنها معركة وجود!  * صور مثيرة للسخرية أحياناً  * مشفقة أحياناً أخرى * تخلط بين الجد والهزل  * بين الجمال والقبح. * فوضى بصرية تعكس فوضى فكرية * إهانة متعمدة للذوق العام * واستخفافاً صارخاً بعقلية الناخب. إنها رسالة صارخة تقول: * السياسة فوضى-  * والإدارة فساد-  * والمواطن وسيلة. إذا كان "رب البيت بالدف ناقر فشيمة أهل البيت كلهم الطبل" كما يقول المثل الدارج. وهنا يكمن جوهر المأساة. فالمُرَشح الذي * لا يحترم جمالية مدينتي * ولا يرهف حس ناخبي * ولا يقدّر قيمة المساحة البصرية التي تُشكل جزءاً من نفسيتي وذوقي كيف تصدقه أنه سيحترم ميزانية بلدي ويحافظ على أموال شعبي و سيدير دفة دولة هي  "قمة الحضارة وبداية القلم والإدارة والعدل"؟ إن هذه الصور النمطية المقززة ليست مجرد مسألة ذوق فاشل بل هي: ١- عَرض لمرض عضال:  إنها المرآة العاكسة لفساد الرؤية السياسية.. فمن يرى الوطن سوقاً لبضاعته يرى المواطن زبوناً يُخدع ببراقة العبارات وبشاعة الصور. ٢- استهانة بالعقل الجمعي: إنها محاولة لاختزال العملية الديمقراطية التي هي أمل الملايين في التغيير إلى مجرد سباق على من يملأ المساحة الأكبر بوجهه الأكثر ظهوراً لا بأفكاره الأكثر نبلاً. ٣- تشويه جمالية الوجود: نحن نعيش في هذه المدن وتُشكل هذه المشاهد البصرية جزءاً من يومياتنا ووعينا الجمعي. هذا الهجوم على جمالية مكاننا هو هجوم على جودة حياتنا وسلامنا النفسي. فكيف لنا أيها الناخبون الواعون أن نكون القدوة؟ برفضنا أن نكون جزءاً من هذه المهزلة. بأن نرفض أن تُختزل كرامتنا الوطنية إلى وجوه على جدران ملوثة. بأن نعلنها ثورة ذوق ضد ثقافة القبح. لنقل لهم: كفى! كفى استخفافاً بعقولنا. كفى تشويهاً لمدننا. لن نصوت لوجهٍ شوه جداراً أو لاسمٍ غطى نافذة  أو لشعارٍ فارغٍ استهان بذكائنا.علينا أن نطالب بضوابط تلزم المرشحين بآداب الترشح وتحافظ على الذوق العام وتحول الساحات إلى فضاءات للحوار الهادئ لا لساحات المعارك الصور الصامتة.العراق الذي علم العالم أول كتابة وأول قانون وأعظم حضارات التاريخ يستحق أكثر من أن يتحول إلى لوحة فوضى لأصحاب "الدف الناقر". العراق يستحق أن تعود إليه روح النظام والجمال والجدية روح "قمة الحضارة".إن تصويتك ليس مجرد إشارة على ورقة بل هو رصاصة في معركة الوجود بين جمال النظام وقبح الفوضى… * صوّت للذي يحترم عينك قبل أن يصوّت له قلبك.  * صوّت للذي يقدم لك برنامجاً مكتوباً على موقع إلكتروني لا صورة ملصقة على حائط متهالك. * صوّت كي تعود للعراق هيبته وللناخب كرامته وللسياسة قدسيتها. فإما أن نكون قدوة بحضارتنا أو نكون عبرة بسقوطنا...  والخيار بين أيدينا الآن.

 

المشـاهدات 26   تاريخ الإضافـة 30/10/2025   رقم المحتوى 67793
أضف تقييـم