تركيا تدخل على خط الاشتباك الكردي ـ التركماني في كركوك..قراءة في دوافع أنقرة وصمت بغداد![]() |
| تركيا تدخل على خط الاشتباك الكردي ـ التركماني في كركوك..قراءة في دوافع أنقرة وصمت بغداد |
|
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب ناجي الغزي |
| النـص : تعود كركوك، المدينة الأكثر تعقيداً في شمال العراق، إلى واجهة الأحداث مجدداً، بعد اشتباكات مسلّحة بين عناصر من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني ومجاميع تركمانية، أسفرت عن سقوط ضحيتين من عناصر وزارة الداخلية العراقية.غير أن التطور اللافت لم يكن في طبيعة الاشتباك بقدر ما كان في الموقف التركي الرسمي الذي أعقبه، والذي كشف عن رغبة تركية واضحة في التفاعل مع الشأن الداخلي العراقي من زاوية الهوية القومية التركمانية، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول حدود الدور التركي في كركوك، ومغزى غياب موقف حازم من بغداد، على غرار ما صدر سابقاً ضد تصريحات إيرانية مشابهة.
أولاً: الموقف التركي بين الدبلوماسية والانحياز
بيان وزارة الخارجية التركية، الذي تضمن إشارة إلى "الأعمال الاستفزازية التي استهدفت ملصقات الجبهة التركمانية"، لم يكن مجرد تصريح تضامني، بل حمل مضامين سياسية واضحة تشير إلى انحيازٍ صريح للطرف التركماني في النزاع.فأنقرة لم تكتفِ بالتعبير عن القلق، بل أكدت أنها تتابع الأحداث "بالتنسيق مع مسؤولي الجبهة التركمانية العراقية"، وهي عبارة تتجاوز حدود التعليق الدبلوماسي إلى مستوى الاصطفاف السياسي المعلن.من هذا المنطلق، يبدو أن أنقرة تتعامل مع كركوك باعتبارها جزءاً من مجال نفوذها التاريخي والجغرافي والسياسي، وأن المكوّن التركماني يمثل لها "واجهة داخلية" في العراق، تمكّنها من ممارسة تأثيرٍ مباشر في معادلة المدينة التي تعدّ واحدة من أكثر مناطق العراق حساسية من حيث التوازن الديموغرافي والرمزية الاقتصادية.
ثانياً: كركوك.. في حسابات أنقرة
لا يمكن فهم الموقف التركي بمعزل عن الأهمية الجيوسياسية لكركوك، التي تشكل نقطة تقاطع لمصالح أربعة أطراف رئيسة: بغداد، أربيل، أنقرة، وطهران.فمنذ عام 2003، تنظر تركيا إلى كركوك باعتبارها بوابة النفوذ شمال العراق، ومركزاً استراتيجياً للتحكم في التوازن بين القوى الكردية المتنافسة (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني)، فضلاً عن كونها خزاناً نفطياً يتيح لأنقرة فرصاً اقتصادية وسياسية في آن واحد.الاشتباك الأخير، الذي اندلع عشية الانتخابات البرلمانية، مثّل فرصة لأنقرة لإعادة تأكيد موقعها في المعادلة العراقية، والتذكير بأن التركمان جزء من أمنها القومي الممتد، تماماً كما تُبرّر تدخلاتها العسكرية في شمال العراق بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني.إنها سياسة "التذرّع بالمكوّن" ذاتها، ولكن في إطار أكثر ليونة دبلوماسية هذه المرة.
ثالثاً: صمت بغداد وازدواجية المواقف
في مقابل هذا التحرك التركي، أثار صمت الحكومة العراقية تساؤلات واسعة.ففي حين سارعت بغداد قبل أسابيع إلى استدعاء القائم بالأعمال الإيراني احتجاجاً على تصريحات تتعلق بالانتخابات، لم تُصدر حتى الآن موقفاً مماثلاً تجاه أنقرة، على الرغم من أن البيان التركي تضمّن إشارات لا تقلّ وضوحاً عن التدخل في الشأن الداخلي العراقي.هذا التباين في المواقف يعكس ـ من وجهة نظر عدد من المراقبين، ازدواجية في التعاطي مع ملف السيادة، وربما حذراً مفرطاً في التعامل مع تركيا، التي تمثل شريكاً تجارياً واقتصادياً أساسياً للعراق، إضافة إلى علاقات التنسيق الأمني المستمرة بين الجانبين.غير أن الصمت الرسمي قد يُفسَّر أيضاً على أنه قبول ضمني بتمدد الدور التركي في كركوك، ما دام هذا الدور لا يتقاطع مع التوازنات الأمريكية أو لا يثير حساسية الحلفاء الإقليميين الآخرين.
رابعاً: البعد الإقليمي - التوازن بين أنقرة وطهران
التحرك التركي الأخير لا يمكن فصله عن ديناميات التنافس الإقليمي بين تركيا وإيران في شمال العراق. ففي الوقت الذي تسعى فيه طهران إلى تعزيز نفوذها عبر قوى سياسية شيعية وفصائل أمنية محلية، تتحرك أنقرة في الاتجاه المقابل عبر قنوات قومية وتراثية، مستندة إلى التركمان والعلاقات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.ومن هذا المنظور، فإن كركوك تمثل نقطة التماس بين النفوذين التركي والإيراني، وميدان اختبار لقدرة كل طرف على ترسيخ حضوره في العراق ما بعد الانتخابات.
خامساً: السيادة في اختبار المواقف
إنّ موقف أنقرة من أحداث كركوك لا يمكن النظر إليه كحادثة عابرة، بل كإشارة إلى تنامي التدخل الإقليمي غير المباشر في الشأن العراقي عبر المكوّنات المحلية. وفي المقابل، فإن غياب ردّ فعل واضح من بغداد يثير تساؤلات حول مدى جدّية خطاب "السيادة الوطنية" الذي ترفعه حكومة السوداني في بياناتها الرسمية.تدرك تركيا أن كركوك ليست مجرد مدينة متعددة القوميات، بل مفتاح لتوازن القوى في شمال العراق، وأن أي فراغ سياسي أو أمني فيها يمنحها فرصة لتكريس حضورها، سواء عبر الدعم السياسي للتركمان أو عبر الضغط الدبلوماسي. لذلك، فإن تجاهل هذه المؤشرات قد يجعل من كركوك بؤرة صراعٍ إقليميٍ مفتوح، تتناوب عليها أنقرة وطهران في ظل تراجع الإرادة العراقية المستقلة. |
| المشـاهدات 34 تاريخ الإضافـة 12/11/2025 رقم المحتوى 68227 |
أخبار مشـابهة![]() |
في الصميم
نتائج الانتخابات و الحكومة الجديدة |
![]() |
الضوء كما لم نره من قبل في مكتبة محمد بن راشد
|
![]() |
حفل توقيع كتب لفائزين عراقيين وعرب بجائزة العويس الثقافية
|
![]() |
برتبة فارس.. تكريم يسرا بأعلى وسام فرنسي بحضور نجوم الفن والإعلام |
![]() |
يصدر طبعة خاصة من كتاب ((يوسف شاهين نظرة الطفل.. وقبضة المتمرد)) للناقد إبراهيم العريس
مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية يحتفي بـ((يوسف شاهين حدوتة مصرية)) |
توقيـت بغداد









