الأحد 2025/11/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 8.95 مئويـة
نيوز بار
الإرشاد النفسي في بيئة التعليم…حين تُنقذ الكلمةُ روحًا، ويُهذّب الإصغاءُ دربًا
الإرشاد النفسي في بيئة التعليم…حين تُنقذ الكلمةُ روحًا، ويُهذّب الإصغاءُ دربًا
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب م.م سرى محمد عبد الخضر
النـص :

في عالمٍ يتسارع فيه كل شيء، وتضيق فيه المسافات بين الأزمات والإنسان، تقف المؤسّسة التعليمية أمام مهمة تتجاوز حدود الدرس والسبورة. فالتعليم لم يعد مجرّد نقل معلومة أو تلقين مهارة، بل أصبح رحلةً معقّدة تُصنع فيها النفوس، وتُصقل فيها الأرواح، ويُبنى فيها المستقبل على صوتٍ خافتٍ يسمّى الإرشاد النفسي.هذا الصوت الذي كثيرًا ما يكون هامسًا، لكنه قادر على أن يغيّر مجرى حياة.نافذةٌ تُطل على القلب في المدارس والجامعات: حيث تتقاطع أحلام الشباب مع مخاوفهم، يجد الطلبة في المرشد النفسي ذلك الباب المفتوح الذي لا يُغلق في وجوههم. هناك، بين جدران صغيرة وقلوب كبيرة، يتعلّم الطالب كيف يبوح، وكيف يفتح صدره لراحةٍ لم يعرفها من قبل. فالإرشاد النفسي هو اليد التي تلتقط خوفًا تائهًا، والكتف الذي يستند إليه قلب أرهقته الأسئلة.حين يهدأ الداخل. يلمع الخارج: ما أكثر العقول المرهقة التي لم تستطع أن تُزيّن دفترًا بدرجة جيدة لأنها كانت مشغولة بما يثقل روحها!إن الطالب الذي يحمل همًّا داخليًا يشبه من يسير نحو هدفه وهو مكبَّل. يأتي الإرشاد النفسي ليحرّر هذا القيد، فيعلّمه كيف يوازن، وكيف يدير ضغوطه، وكيف يصنع من قلقه خطوةً نحو التفوق، لا حفرةً يسقط فيها. فالنفس الهادئة تُنجب عقلًا لامعًا، والطمأنينة تفتح أبواب النجاح كما يفتح الضوء نافذة في صباحٍ شتائي.تهذيب السلوك… صناعة إنسان: وراء كل سلوكٍ مشاغب، أو انطواءٍ مبالغ، أو نظرة تحدٍّ عنيفة، حكاية تحتاج من يصغي إليها.الإرشاد النفسي لا يعاقب، بل يفهم؛ ولا يواجه، بل يقترب؛ ولا يدين، بل يضيء الطريق. لذلك كان دوره جوهريًا في معالجة التنمر، ورأب العلاقات المتكسّرة، وتقويم السلوكيات التي تعيق نضج الطالب وتعاملاته.هو عملية بناء هادئة… يُصنع فيها الإنسان قبل المواطن.مرافقة في محطات العمر يمرّ الطالب بمحطات عمرية حافلة بالتغيّرات، بعضها يربكه، وبعضها يفاجئه، وكلها تحتاج رفيقًا خبيرًا.وهنا يظهر المرشد النفسي كمرشد طريق في غابة التحولات النفسية والجسدية والاجتماعية، يطمئن الطالب بأن ما يشعر به ليس غريبًا، وأن الأسئلة التي تحاصره هي بداية الوعي، لا نهايته.زرع قيم الحوار والجمال: ليس الإرشاد مجرد جلسة علاجية، بل هو أيضًا مدرسة للأخلاق الراقية. فمن خلاله يتعلّم الطالب كيف يصغي، وكيف يختلف دون أن يهدم، وكيف يعبّر دون أن يجرح، وكيف يمدّ جسورًا مع الآخر بدل أن يبني جدارًا بينه وبينه. إنه يزرع في الروح تلك البذور الصغيرة التي تنمو يومًا لتصبح شجرة تسامحٍ وثقة وخلق.درع يحمي من الانزلاق: في زمن تتعدد فيه المخاطر، من العنف إلى الإدمان إلى الاستغلال الإلكتروني، يصبح للإرشاد النفسي دورٌ يشبه دور الحارس على بوابة الحياة.  إنه يوقظ الوعي، وينبّه إلى خطوات قد تبدو صغيرة لكنها قد تجرّ إلى هاوية، ويمنح الطلبة القدرة على قول "لا" حين يجب أن تُقال.

 

خاتمة

 

الإرشاد النفسي في بيئة التعليم ليس خدمة إضافية، بل هو روح خفية تحرس العملية التربوية من الداخل. فما قيمة العلم إذا ضاعت النفس التي تحمله؟وما جدوى المدرسة إن لم تكن ملاذًا، وصوتًا، ودفئًا، وجسرًا نحو إنسان أكثر وعيًا واتزانًا؟ إن دعم الإرشاد النفسي هو استثمار في الإنسان… والإنسان هو أثمن ما يمكن للتعليم أن يقدّمه للعالم.

المشـاهدات 43   تاريخ الإضافـة 22/11/2025   رقم المحتوى 68475
أضف تقييـم