الحنث باليمين الدستوري أساس لإنهاء العضوية البرلمانية.. مقال تحليلي في ضوء قرار المحكمة الاتحادية العليا![]() |
| الحنث باليمين الدستوري أساس لإنهاء العضوية البرلمانية.. مقال تحليلي في ضوء قرار المحكمة الاتحادية العليا |
|
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب علي الطائي |
| النـص :
محامي عراقي
يمثّل اليمين الدستوري أحد أهم مرتكزات الشرعية الدستورية للمنصب العام، إذ لا يُباشر عضو مجلس النواب العراقي مهامه إلا بعد أداء هذا اليمين، الذي يتضمن التزاماً علنياً وصريحاً أمام الشعب والقانون بأن يؤدي مسؤولياته بإخلاص ويحافظ على الدستور ويصون مصالح الدولة. وقد أثار قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق9/أتحادية/2023 في 2023/11/14 ، القاضي بإنهاء عضوية أحد النواب ورئيس مجلس النواب السابق، جدلاً واسعاً لكونه استند إلى مفهوم الحنث باليمين الدستوري باعتباره سبباً لفقدان شرط من شروط استمرار العضوية البرلمانية.يهدف هذا المقال إلى تحليل الأساس الدستوري والقانوني الذي اعتمدته المحكمة، وبيان مشروعية هذا النهج وآثاره على الحياة النيابية والرقابة الدستورية.
أولاً: اليمين الدستوري في النظام الدستوري العراقي.
يعّد اليمين الدستوري شرطاً جوهرياً لنفاذ العضوية البرلمانية، وقد نصّ الدستور على أن يؤدي النائب اليمين قبل ممارسة مهامه، مؤكداً جملة من الالتزامات الأساسية، أبرزها:
1- أداء المهام بتفانٍ وإخلاص.
2- صون الدستور واحترام القوانين.
3-حفظ مصالح الشعب وأموال الدولة.
إن هذه الالتزامات ليست مجرد إجراءات شكلية، بل هي عقد دستوري بين الممثل والشعب، يقوم على مبدأ الثقة العامة التي تُعدّ جوهر الشرعية الديمقراطية.
ثانياً: مفهوم الحنث باليمين وموقعه في الفقه الدستوري.
الحنث باليمين هو الإخلال الجسيم بالمضمون الحقيقي للقسم الذي أدّاه صاحب المنصب.ولا يشترط المشرّع الدستوري ثبوت جريمة جنائية حتى يعدّ الشخص حانثاً بيمينه، فالمعيار الأساس هو انتهاك مقتضيات اليمين أو القيام بسلوك يتعارض مع واجبات الوظيفة العامة.وتتفق غالبية الفقه الدستوري على أن الحنث: * يمثّل فقداناً لشرط الثقة.
* ويُعد إخلالاً بالنزاهة وواجبات المنصب.
* ويبرّر إنهاء العضوية أو العزل، حتى من دون توفر إدانة قضائية جنائية.
ثالثاً: الأساس الدستوري لسلطة المحكمة الاتحادية في إنهاء العضوية.
تستند المحكمة الاتحادية العليا في العراق إلى صلاحياتها الدستورية الواردة في المادة (93) التي تخولها الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس النواب.اضافة لما ورد في المادة (12/ثالثا) من قانون مجلس النواب التي قضت بانتهاء النيابة في حال فقدان احد شروط النيابة المنصوص عليها في الدستور وقانون الانتخابات ، ولم يحدد القانون صلاحية حصرية لمجلس النواب فقط كما حددها في الحالات التي ذكرناها ، وهذا يعني ان من حق المحكمة الاتحادية التصدي لهذا الأمر. كما تستند إلى المادة (94) التي تجعل قراراتها باتة وملزمة لكل السلطات.وفي إطار هذه الصلاحيات، تملك المحكمة سلطة تقرير ما إذا كان العضو قد فقد أحد شروط بقاءه ممثلاً للشعب، وخاصة شرط النزاهة وحسن السيرة، وهو شرط ملازم للمنصب حتى النهاية.وبالنتيجة، إذا ثبت للمحكمة أن سلوك النائب ينطوي على حنث باليمين، فإن ذلك يعني فقدانه شرط الاستمرار في شغل مقعده النيابي، ويمنح المحكمة الحق الدستوري في إنهاء عضويته.
رابعاً: تحليل منطوق قرار المحكمة الاتحادية العليا
اعتمدت المحكمة في قرارها على ما يلي:1- ثبوت سلوك يخالف موجبات اليمين،فأعتبرت المحكمة أن الأفعال المنسوبة إلى المدعي والمدعى عليه تشكل: استغلالاً للصلاحيات،و إخلالاً بواجبات المنصب، ومساساً بالثقة العامة،وهي أفعال تتعارض بصورة مباشرة مع مضمون اليمين الدستوري.2. الحنث باليمين يفقد العضو شرطاً دستورياً لم تتعامل المحكمة مع القضية بوصفها نزاعاً جنائياً، بل باعتبارها نزاعاً دستورياً حول صلاحية استمرار العضوية.فإذا كان النائب قد حنث باليمين، فإنه يفقد شرط النزاهة، شرط حسن السيرة، شرط حماية مصالح الشعب،وهي شروط صريحة في الدستور.3. إنهاء العضوية نتيجة دستورية لازمة.يعُدّ القرار تطبيقاً لمبدأ دستوري عام مؤداه أن العضوية البرلمانية لا تستمر إذا زالت شروطها.كما أنه يفرض على مجلس النواب الالتزام بنتائج الحكم دون حاجة إلى تصويت أو إجراء داخلي، كونه حكماً باتاً.
خامساً: الأثر القانوني والفقهي للقرار
يمثل القرار سابقة نوعية في القضاء الدستوري العراقي، لما يأتي: 1- ترسيخ رقابة المحكمة الاتحادية على السلوك النيابي أصبح واضحاً أن المحكمة ليست جهة نظر في صحة الانتخابات فقط، بل هي جهة رقابة على سلوك الأعضاء ومدى التزامهم باليمين. 2- رفع معيار النزاهة في الحياة البرلمانية خطوة المحكمة تُعد رسالة واضحة بأن اليمين ليس مجرد عبارة بروتوكولية، بل هو التزام ملزم، والإخلال به يؤدي إلى فقدان المقعد النيابي. 3- تعزيز مبدأ المسؤولية السياسية والدستورية القرار يشكل نقلة في اتجاه تكريس مبدأ المسؤولية الدستورية لشاغلي المناصب العليا، وهو مبدأ ضروري لتطوير النظام البرلماني في العراق. وفي الختام..يكرّس قرار المحكمة الاتحادية العليا مبدأ بالغ الأهمية مفاده أن النائب الذي يحنث باليمين الدستوري يفقد أهليته الدستورية لتمثيل الشعب، لأن اليمين ليس مجرد إجراء افتتاحي بل هو الركن الأخلاقي والقانوني الذي يمنح الشرعية للمنصب.ويمثل هذا القرار خطوة متقدمة في بناء دولة القانون في العراق، وترسيخ مبادئ النزاهة والمساءلة في الحياة البرلمانية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الرقابة الدستورية التي تربط بين وظيفة النائب وأمانة تمثيل الأمة. |
| المشـاهدات 46 تاريخ الإضافـة 22/11/2025 رقم المحتوى 68476 |
أخبار مشـابهة![]() |
النائب والمسؤول والحنث باليمين الدستورية |
![]() |
الإرشاد النفسي في بيئة التعليم…حين تُنقذ الكلمةُ روحًا، ويُهذّب الإصغاءُ دربًا |
![]() |
الشكلانيّون الروس و الأدب الفيكتوري
في كتاب "نظرية الأدب" |
![]() |
النعمانية يتغلب الصناعة في دوري الطائرة الممتاز
|
![]() |
اعداد الطعون تهدد 36 مقعدا ونصفها قدمت باخر 12 ساعة
اليوم.. المفوضية تنظر في الطعون ولمدة 7 أيام |
توقيـت بغداد









