الخميس 2025/12/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 15.95 مئويـة
نيوز بار
پَری قرداغي… شاعرة الحب و الشمس : ‏ عبورٌ نقدي في تضاريس ثلاثية قصائد تتنفس الضوء
پَری قرداغي… شاعرة الحب و الشمس : ‏ عبورٌ نقدي في تضاريس ثلاثية قصائد تتنفس الضوء
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

احمد موحان ‏

شاعر وكاتب

 

في مواجهة نصٍّ لا يكتفي بأن يُقرأ... بل يفرض على القارئ أن يعيشه ... يصبح الدخول إلى عالم القصيدة أشبه بخطوة ‏أولى على أرضٍ تتوهّج تحت القدمين. قصائد پَری قرداغي ( التي وددت ان القبها عن جدارة ب( شاعرة الحب و الشمس) ‏‏...ليست مجرّد تشكيل لغوي أو انفعال عابر... إنها بناءٌ روحيّ مشغول بعناية، يعلو وينخفض كنبض يستدلّ على ذاته في ‏كل مقطع.

وهذا النصّ النقدي يأتي محاولة للاقتراب من تضاريس هذا الصوت... تفكيكًا لطبقاته، وقراءةً لطاقته، واستكشافًا لما ‏تخبّئه كل قطعة من القصائد الثلاث (‏ سرّ القبلة، لحن القبلة، آهات الانتظار ) من إشارات، وتوترات، وإيماءات ضوء تتجدّد ‏في كل سطر.

‏(في سرّ القبلة ) حين يتحوّل اللمس إلى معنى

تبدأ الشاعرة قصيدتها بطرحٍ وجودي لا يتعامل مع القبلة كفعلٍ حسي  بل كـ"رسالة حياة.. هنا تُخرِج القبلة من سياقها ‏المألوف، لتجعلها فعلًا يعبر بين قلبين كما تعبر الأرواح بين العوالم.‏..ثم تنتقل إلى فكرة الإنسان الذي "لا يطيق وحدته" ‏فتُحوّل القبلة إلى رغبة في الانفصال عن الذات والاتصال بالآخر.‏..إنها رؤية تجعل الحب خروجًا من حدود الجسد نحو ‏مساحة أكثر إنسانية.

وفي مقطع النفس المتبادل... تصنع الشاعرة لحظة "خلود"... لحظة يتوقف فيها الزمن  ويصبح الشهيق الموحّد جسرًا ‏بين روحين.

بعدها ترتفع فيه القبلة إلى مستوى الوجود، فهو قلب القصيدة:

اتحاد جسد وروح ، بذرة ووردة… حلم يتحوّل نورًا

وتُختَم القصيدة بفكرة أن القبلة «فلسفة»، لا مجرد فعل.

إنها عنوان بسيط لإنسانٍ عظيم، يُضيء حين يصل قلبه إلى قلب آخر.

اما في قصيدتها "‏ لحن القبلة ” حين تصبح القُبلة موسيقى كاملة

في هذه القصيدة حيث  تنتقل الشاعرة  من الفلسفة إلى الموسيقى...تكتب پَری عن القبلة كأنها نغمةٌ تُعزَف بين اثنين، لا ‏يسمعها أحد سواهما.

في المقطع الأول... تشبّه القبلة بـ" نسيم الربيع البارد" الذي ينهض في القلب.‏ ..إنه تشبيه يلمس الحس والروح معًا:

برودة في الجسد، وارتفاع في الأحاسيس

ثم تنقل القبلة إلى منطقة «العزف»، حيث تصبح الأنفاس ألحانًا، وتتحوّل العيون إلى "مملكة خاصة" لا يدخلها إلا ‏الحبيبان.

هذا بناء صوري يخلق عزلة جميلة… عزلة لا تُقصي العالم، بل تُعيد ترتيبه.‏..وفي المقطع الثالث، تتبدل لهجة الشاعرة من ‏الهدوء إلى اللهيب:

‏"تشعل نار قلبي، وتغيّر عالمي بأحاسيسك‏"‏

إنه احتراقٌ لا يُفني، بل يمنح فرحًا وسكينة

أما الخاتمة.. فتمزج بين الرقة والقداسة:

قبلة "مثل لحن بلا نهاية.. تغني له القلوب..‏.

إنها القبلة التي لا تنتهي لأنها خارج الزمن.

اما في قصيدتها الثالثة " آهات الانتظار" حيث تصف ‏ الشوق بوصفه موسمًا كاملًا و الذي تنتقل فيه من بعد دفء القبلة، ‏إلى الجانب الآخر من الحب : انه "الانتظار" ‏

في البداية تضع الشاعرة نفسها "متكئة على نافذة الغيم" صورة تجمع بين الهشاشة والسمو.. هي تُعلّم القمر نطق اسم ‏الحبيبوكأنها تحاول تشغيل الكون نفسه ليصل صوته إليه.‏..ثم يأتي مقطع الليل، حيث يتحوّل الوعد إلى ‏وسادة...والصدى إلى حضورٍ ناقص يُعيدها للحبيب ألف مرة دون أن يأتي.‏..إنه وصف دقيق لقلق الحنين.

وفي ذروة القصيدة، تُسمّي الانتظار "نارًا باردة"بمفارقة بديعة ‏:

نار تحرق لكنها بلا لهب  ...وتذيب الوقت كما يذيب الجليد ملامح الربيع

بعدها تفتح الشاعرة باب الاعتراف الكبير:

هي لا تنتظر لأنها لا تملك سواه ...بل لأنه الحلم الذي لم يكتملوالغيبة التي صارت قدرًا من الأمل.‏..‏

وتأتي الخاتمة كأجمل ما في القصيدة:

تشبيه الحبيب الذي "يتأخر كالشفاء، ويجيء كالمعجزة"‏

ثم صورة الدعاء والدمعة التي تخبّئ اسمه

في انتظار لقاءٍ ينمو مثل ثمرة

خاتمة القراءة

في هذه الثلاثية تتنقل پَری قرداغي بين:

•       الفلسفة الوجودية في سرّ القبلة

•       الموسيقى العاطفية في لحن القبلة

•       الحنين المُضِيء في آهات الانتظار

لتصنع لوحة شعرية تجمع بين حساسية الجسد وشفافية الروح.‏... إنها تكتب كما لو كانت القبلة ضوءًا، والحب موسيقى، ‏والانتظار عبادة.

وبهذا تستحق فعلًا لقبها:‏ شاعرة الحب و الشمس .

المشـاهدات 33   تاريخ الإضافـة 17/12/2025   رقم المحتوى 69005
أضف تقييـم