محنة مهاجر في عراقيات هلسنكي للروائي العراقي أمجد طليع![]() |
| محنة مهاجر في عراقيات هلسنكي للروائي العراقي أمجد طليع |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص :
حسن الموسوي
ينقلنا الروائي أمجد طليع من خلال روايته عراقيات هلسنكي إلى معاناة المهاجرين الذين يحملون معاناتهم و همومهم أينما رحلوا . العنوان من العتبات النصية ، وعلى الكاتب أن يكون حريصا على اختيار العنوان وأن لا يكون الاختيار عشوائيا، بل يجب أن يكون العنوان متناغما مع المتن السردي و يشكل العنوان العتبة النصية الأولى ، وهو الجسر الذي يلج من خلاله القارئ إلى المتن السردي. الغلاف من العتبات النصية أيضا و نجد فيه صورة لأمرأة و هي تحمل حقائب سفر كبيرة و خلفها منظر لمدينة هلسنكي ، كانت الحقائب كبيرة و ثقيلة ، فهي تعيق الحركة و تمنع الرؤية ، و في هذا إشارة إلى أن الإنسان عندما يترك وطنه و أهله فإنه يحمل معه ثقلا كبيرا ، ثقل يعيق حركته و يجعله مقيدا و غير قادر على الرؤية ، وهنا رمزية إلى اختلاف الثقافات بين الشعوب . يشكل الغلاف خطابا بصريا لأن الصورة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمتخيل. الإهداء من العتبات النصية{ إلى من خسر شعره في فنلندا واستبدله بلون الثلج .. إلى من غامر بالنجاح ليفوز بزمن متوقف ، متوقف بكل شيء إلا سنين عمر كانت تمضي و تمضي معها قوة الجسد و خضرة الروح لتترك كتلة ليس فيها إلا النفس و شيء من الحكمة جاءت بعد أن اتخذ كل قراراته المصيرية } . و نجد في المقدمة و التي هي أيضا من العتبات النصية قصيدة لشاعرة فنلندية يقول مطلعها { انا غريبة في هذا البلد / الذي يقع عميقا تحت البحر الثقيل / تطل الشمس بأشعة متموجة / و ينساب الهواء بين يدي } ثيمة هذه الرواية بسيطة جدا و تتمثل بالتلصص على حديث زوجته مع صديقاتها ومن خلال هذه الثيمة استطاع الكاتب أن يمرر لنا رسائل اجتماعية في غاية الخطورة ، أحوال أناس تحطمت أحلامهم في المهجر . يحلم الكثير بالهجرة ولعلهم يحلمون بالحياة السعيدة خارج بلدانهم إلا انهم يصطدمون بالواقع المرير في بلاد المهجر . غالبا ما يتأثر المهاجر بالبلد الذي يهاجر إليه { الفنلنديون مجتمع كئيب ، تنتعش فيه مهنة الطب النفسي، يكثر الطلب على حبوب الاكتئاب الوردية ، حبة صغيرة ، من يتناولها ينام وتراوده أجمل الأحلام } ص 57 . ويعود هذا إلى الطبيعة القاسية الباردة في بلاد لا تنعم بالدفء إلا قليلا ، ففصل الشتاء يفرض سطوته على باقي الفصول . أولى الإشارات التي ضمنها الكاتب هي ضرورة أن يتم اختيار الزوجة الصالحة لمواجهة صعوبات الحياة سواء في الداخل أو في المهجر ، و يجب أن يكون هناك تطابق وتناغم في السلوك و الرغبة بين الزوجين { وحيدا جلس يسمع أغاني طالما أحبها و لم تحبها زوجته ، يشعر انه يعانق الهدوء ، لم يجد وصفا لما مر به بتلك الساعات غير معانقة الهدوء } ص 30 . عدم الانسجام بين الزوجين جعل الأمر ينتهي بالخيانة ، يقول دانتي { الخيانة هي أعظم الخطايا ، فهي الجرف السفلي من الجحيم حيث يرقد من خانوا الثقة البريئة } الخيانة تصيب الرجل بمقتل و تجعله يفقد جادة الصواب { خرجت زوجتي خلفه وهي تصيح بوجهي اذهب وإلا أخبرت البوليس ، لا تأتي إلى هنا بعد ، انا لا أريدك ، لم تعد زوجي ، لا تقترب من أطفالي ، ستندم اذا اقتربت } ص 122 . المشكلة تكمن في عدم فهم المهاجر سواء كان رجلا ام إمرأة للحقوق والواجبات ، فالحرية المفرطة في بلاد المهجر جعلت كثير من العلاقات الزوجية تنهار و تتفكك الأسر { في البلدان الأم للشرقيين ، كانت الزوجات يعرفن مسؤولياتهن ، في المهجر أصبحن يعرفن حقوقهن ، الحقوق لا تقايض بالمسؤوليات ، المسؤولية قرينة الحقوق } ص 142 المسألة الأخرى التي أشار أليها الكاتب هي التباين في الثقافات بين الأجيال المهاجرة ، فجيل السبعينات ليس مثل جيل الثمانينيات وهكذا إلى أن وصلنا إلى جيل متعب يسهل اختراقه { هل تعتقد أن العراقيين حينما هاجروا إلى أوربا كانوا في رحلة عبر الجغرافية ، أي انهم انتقلوا من مكان إلى آخر ؟ بالتأكيد لا ، إنما قاموا برحلة عبر الزمن ، هنا يكمن الخلل } ص 127 اختلاف الثقافات بين الشعوب العربية الإسلامية والشعوب الأوربية هو الذي يجعل من مهمة تفكك الأسرة أسهل مما نتصور . ان من يعيش في الغرب لا يستطيع مجاراة تلك الثقافات التي لم نعهدها في مجتمعاتنا ، صحيح ان المهاجر قد نجا من جحيم بلاده ، لكنه وصل إلى جحيم أقسى في بلاد المهجر ، وهذه بحد ذاتها رسالة اجتماعية مررها الكاتب . وقد لخص الكاتب كل تلك المشاكل التي يعاني منها الشباب بجملة واحدة ولعلها هي السبب الرئيسي { عدم فهم الحرية ، لم نظن أن الحرية في أوربا بهذا الشكل } ص 125 . و رب سائل يسأل عن سبب كل ذلك و أعني اختلاف الثقافات والجواب ببساطة يكمن في تخلف الدول العربية وعدم تمكنها من اللحاق بالركب الغربي ، صحيح في الماضي كنا نحن أكثر تطورا من الغرب و هم كانوا متخلفين جدا ، لكن في الوقت الحالي انعكس الأمر و أصبحنا شعوبا متخلفة جدا ، هذا الفارق في المستوى الثقافي جعل من الصعوبة على المهاجر أن يتأقلم مع الواقع في بلاد المهجر ، و يعود سبب تخلف الدول العربية من وجهة نظر الكاتب الى الخلافة العثمانية التي جعلت العرب في سبات دائم { أين كان العرب في هذه القرون حيث تقدمت أوربا وبدأت مشوار حداثتها ، كنا يا صديقي نغرق بظلام الخلافة العثمانية ، السلاطين كانوا حاضرين بالحروب و التنقل بين الجواري في الليل و النهار } ص 129 . الزمن في هذه الرواية واضح حيث بدأت الأحداث في تسعينيات القرن الماضي في أيام الحصار و الظروف الغير طبيعية ، الأمر الذي دفع بالكثير من الشباب إلى الهجرة هربا من ظروف العراق البائسة { وصلت فنلندا في منتصف التسعينات، في 1995/5/16 تاريخ أحفظه مثل تاريخ ميلادي المكان في هذه الرواية كان بين العراق و فنلندا، حيث الأحداث في هذين البلدين ، في سرد مشوق كان فيها الكاتب يراعي الظروف الخاصة في كل بلد من اختلاف الثقافات والقيم والظروف . |
| المشـاهدات 27 تاريخ الإضافـة 27/12/2025 رقم المحتوى 69371 |
أخبار مشـابهة![]() |
ملتقى ميسان الثقافي يستضيف سعد حيدر الكتبي في جلسة استذكارية للراحل شيخ الكتبيين والمكتبة العصرية |
![]() |
بمشاركة جميع محافظات العراق ..رائحة البرتقال تفوح في موتمرالنقد الاول في ديالى |
![]() |
إصدارات دار الشؤون الثقافية
طالب كريم |
![]() |
التربية والمتغيرات الثقافية والثورة الرقمية
|
![]() |
ليرنر تيان تفوز بأكبر بطولة تنس للناشئين في العالم.
|
توقيـت بغداد









