الأحد 2025/12/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 12.95 مئويـة
نيوز بار
محنة مهاجر في عراقيات هلسنكي للروائي العراقي أمجد طليع
محنة مهاجر في عراقيات هلسنكي للروائي العراقي أمجد طليع
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

الوصف: C:UserslenovoDesktop2d556468-8b9c-4fb4-8160-ae207cad2473.jpegالوصف: C:UserslenovoDesktop584266bf-6b24-423c-abe0-3ad553b7c157.jpegالوصف: C:UserslenovoDesktop81c00785-deba-467a-9db8-249eced852ae.jpeg

حسن الموسوي

 

ينقلنا الروائي أمجد طليع من خلال روايته عراقيات هلسنكي إلى معاناة المهاجرين الذين يحملون معاناتهم و همومهم أينما رحلوا .

العنوان من العتبات النصية ، وعلى الكاتب أن يكون حريصا على اختيار العنوان وأن لا يكون الاختيار عشوائيا، بل يجب أن يكون العنوان  متناغما مع المتن السردي

و يشكل العنوان العتبة النصية الأولى ، وهو الجسر الذي يلج من خلاله القارئ إلى المتن السردي.

الغلاف من العتبات النصية أيضا و نجد فيه صورة لأمرأة و هي تحمل حقائب سفر كبيرة و خلفها منظر لمدينة هلسنكي ، كانت الحقائب كبيرة و ثقيلة ، فهي تعيق الحركة و تمنع الرؤية ، و في هذا إشارة إلى أن الإنسان عندما يترك وطنه و أهله فإنه يحمل معه ثقلا كبيرا ، ثقل يعيق حركته و يجعله مقيدا و غير قادر على الرؤية ، وهنا رمزية إلى اختلاف الثقافات بين الشعوب .

يشكل الغلاف خطابا بصريا لأن الصورة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمتخيل.

الإهداء من العتبات النصية{ إلى من خسر شعره في فنلندا واستبدله بلون الثلج .. إلى من غامر بالنجاح ليفوز بزمن متوقف ، متوقف بكل شيء إلا سنين عمر كانت تمضي و تمضي معها قوة الجسد و خضرة الروح لتترك كتلة ليس فيها إلا النفس و شيء من الحكمة جاءت بعد أن اتخذ كل قراراته المصيرية } .

و نجد في المقدمة و التي هي أيضا من العتبات النصية قصيدة لشاعرة فنلندية يقول مطلعها { انا غريبة في هذا البلد / الذي يقع عميقا تحت البحر الثقيل / تطل الشمس بأشعة متموجة / و ينساب الهواء بين يدي }

ثيمة هذه الرواية بسيطة جدا و تتمثل بالتلصص على حديث زوجته مع صديقاتها ومن خلال هذه الثيمة استطاع الكاتب أن يمرر لنا رسائل اجتماعية في غاية الخطورة ، أحوال أناس تحطمت أحلامهم في المهجر .

يحلم الكثير بالهجرة ولعلهم يحلمون بالحياة السعيدة خارج بلدانهم إلا انهم يصطدمون بالواقع المرير في بلاد المهجر   .

غالبا ما يتأثر المهاجر بالبلد الذي يهاجر إليه { الفنلنديون مجتمع كئيب ، تنتعش فيه مهنة الطب النفسي، يكثر الطلب على حبوب الاكتئاب الوردية ، حبة صغيرة ، من يتناولها ينام وتراوده أجمل الأحلام } ص 57 .

ويعود هذا إلى الطبيعة القاسية الباردة في بلاد لا تنعم بالدفء إلا قليلا ، ففصل الشتاء يفرض سطوته على باقي الفصول .

أولى الإشارات التي ضمنها الكاتب هي ضرورة أن يتم اختيار الزوجة الصالحة لمواجهة صعوبات الحياة سواء في الداخل أو في المهجر ، و يجب أن يكون هناك تطابق وتناغم في السلوك و الرغبة بين الزوجين   { وحيدا جلس يسمع أغاني طالما أحبها و لم تحبها زوجته ، يشعر انه يعانق الهدوء ، لم يجد وصفا لما مر به بتلك الساعات غير معانقة  الهدوء } ص 30 .

عدم الانسجام بين الزوجين جعل الأمر ينتهي بالخيانة ، يقول دانتي { الخيانة هي أعظم الخطايا ، فهي الجرف السفلي من الجحيم حيث يرقد من خانوا الثقة البريئة }

الخيانة تصيب الرجل بمقتل و تجعله يفقد جادة الصواب { خرجت زوجتي خلفه وهي تصيح بوجهي اذهب وإلا أخبرت البوليس ، لا تأتي إلى هنا بعد ، انا لا أريدك ، لم تعد زوجي ، لا تقترب من أطفالي ، ستندم اذا اقتربت } ص 122 .

المشكلة تكمن في عدم فهم المهاجر سواء كان رجلا ام إمرأة للحقوق والواجبات ، فالحرية المفرطة في بلاد المهجر جعلت كثير من العلاقات الزوجية تنهار و تتفكك الأسر { في البلدان الأم للشرقيين ، كانت الزوجات يعرفن مسؤولياتهن ، في المهجر أصبحن يعرفن حقوقهن ، الحقوق لا تقايض بالمسؤوليات ، المسؤولية قرينة الحقوق } ص 142  

المسألة الأخرى التي أشار أليها الكاتب هي التباين في الثقافات بين الأجيال المهاجرة ، فجيل السبعينات ليس مثل جيل الثمانينيات وهكذا إلى أن وصلنا إلى جيل متعب يسهل اختراقه { هل تعتقد أن العراقيين حينما هاجروا إلى أوربا كانوا في رحلة عبر الجغرافية ، أي انهم انتقلوا من مكان إلى آخر ؟ بالتأكيد لا ، إنما قاموا برحلة عبر الزمن ، هنا يكمن الخلل } ص 127

اختلاف الثقافات بين الشعوب العربية الإسلامية  والشعوب الأوربية هو الذي يجعل من مهمة تفكك الأسرة أسهل مما نتصور .

ان من يعيش في الغرب لا يستطيع مجاراة تلك الثقافات التي لم نعهدها في مجتمعاتنا ، صحيح ان المهاجر قد نجا من جحيم بلاده ، لكنه وصل إلى جحيم أقسى في بلاد المهجر ، وهذه بحد ذاتها رسالة اجتماعية مررها الكاتب .

وقد لخص الكاتب كل تلك المشاكل التي يعاني منها الشباب بجملة واحدة ولعلها هي السبب الرئيسي { عدم فهم الحرية ، لم نظن أن الحرية في أوربا بهذا الشكل } ص 125 .

و رب سائل يسأل عن سبب كل ذلك و أعني اختلاف الثقافات والجواب ببساطة يكمن في تخلف الدول العربية وعدم تمكنها من اللحاق بالركب الغربي ، صحيح في الماضي كنا نحن أكثر تطورا من الغرب و هم كانوا متخلفين جدا ، لكن في الوقت الحالي انعكس الأمر و أصبحنا شعوبا متخلفة جدا ، هذا الفارق في المستوى الثقافي جعل من الصعوبة على المهاجر أن يتأقلم مع الواقع في بلاد المهجر ، و يعود سبب تخلف الدول العربية من وجهة نظر الكاتب الى الخلافة العثمانية التي جعلت العرب في سبات دائم { أين كان العرب في هذه القرون حيث تقدمت أوربا وبدأت مشوار حداثتها ، كنا يا صديقي نغرق بظلام الخلافة العثمانية ، السلاطين كانوا حاضرين بالحروب و التنقل بين الجواري في الليل و النهار } ص 129 .

الزمن في هذه الرواية واضح حيث بدأت الأحداث في تسعينيات القرن الماضي في أيام الحصار و الظروف الغير طبيعية ، الأمر الذي دفع بالكثير من الشباب إلى الهجرة هربا من ظروف العراق البائسة { وصلت فنلندا في منتصف التسعينات، في 1995/5/16 تاريخ  أحفظه مثل تاريخ ميلادي

المكان في هذه الرواية كان بين العراق و فنلندا، حيث الأحداث في هذين البلدين ، في سرد مشوق كان فيها الكاتب يراعي الظروف الخاصة في كل بلد من اختلاف الثقافات والقيم والظروف .

المشـاهدات 27   تاريخ الإضافـة 27/12/2025   رقم المحتوى 69371
أضف تقييـم