الثلاثاء 2024/10/15 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 36.95 مئويـة
حوارات عن النقد السينمائي مع الإعلامية، والصحفية العراقية عائشة الدوري
حوارات عن النقد السينمائي مع الإعلامية، والصحفية العراقية عائشة الدوري
حوارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

 

 

حوار : صلاح سرميني

 

عملت عائشة الدوري، مذيعةٌ، ومعدّة برامج في تلفزيون "الحرّة"، ومنها الفقرة الفنية في برنامج "اليوم"، كما أعدّت، وكتبت برنامج السينما الأسبوعيّ "سينما 99"، و"سينما 2000" لصالح تلفزيون ام بي سي، ثم تقديم، وإعداد برنامج سينمائي أسبوعي "سينماغازين" على مدى ٦ سنوات، قامت فيها بتغطية معظم مهرجانات السينما العربية، والعالمية، وأجرت مقابلاتٍ تلفزيونية مع أغلب صُناع السينما، والنجوم العرب، والعالميين، وحالياً تتوالى مهمة إعداد، وتقديم برنامج "لوكيشن" في قناة  NRTعربية.

 

***

 

ـ عائشة، سامحيني لأنني سوف أزعجكِ بأسئلةٍ تنظيرية، .. كما تعرفين، نقد، كلمةٌ مزعجة، تُثير المشاكل، والخصومات بين النقاد، والمخرجين (ورُبما بين النقاد أنفسهم)، مرتبطةً غالباً بالكشف عن الخلل، العيوب، والسلبيات، ...هل يمكن استبدالها بكلمةٍ أخرى أكثر رقةً، لطفاً، ورحمة،.. "التمييز" على سبيل المثال، وهكذا نقول "التمييز السينمائي"، أعمل "مُميزاً سينمائياً"،... أو "تحليل"، فأصبح "محللاً سينمائياً"، أو رُبما، كما يُقال : "فهم العمل"، أو "تفسيره"، وهنا، نطلق على الناقد صفة "فاهم"، أو "مفسّر سينمائي"...؟

 

ـ لم أسمع من قبل عن "مميّز"، أو "محلل سينمائي"،... وحتى صفة "فاهم سينمائي" لا تعني لي شيئاً، فالمخرج هو أيضاً "فاهم سينمائي"، والمنتج هو أكثر فهماً،... عموماً، هذه التسميات تصبّ جميعها في مهنةٍ واحدة، وهي "النقد السينمائي".

 

ـ يكتب أحدنا "آليات النقد"، "أسّس النقد"، "الشروط الحقيقية للنقد"، هل فعلاً هناك آليات، وأسّس، وشروط ؟

 

ـ هناك نقد، وهناك عرض(review)، في عالمنا العربي هناك فرق، فأيّ شخص بإمكانه كتابة أسطر قليلة في مجلة ليستعرض فيلماً جديداً في صالات السينما: اسم المخرج، الممثلين، نبذة مختصرة، وطول الفيلم،... لكن يرتكز النقد على خلفية سينمائية، وتحليل موضوعي، ومعرفة بالتقنية السينمائية، وآليات تُمكن الناقد من الكتابة عن الفيلم، النقد السينمائي ليست وظيفة، هي شغف، وحكاية حبّ متواصلة مع السينما تجعل الناقد الجيد يُبدع في الكتابة.

 

ــ هل يمكن اعتبار كلّ من يخرج فيلماً مُبدعاً؟

 

ـ كلّ شخص أخذ من وقته فترة زمنية طويلة ليذهب إلى مواقع التصوير لأيام، ورُبما أشهر، وبذل جهداً في توجيه طاقم عمل كامل، وجلس لساعاتٍ طويلة في غرفة المونتاج،...شخصياً، أقدر هذا المجهود، وأرفع له القبعة بغضّ النظر عن مستوى فيلمه، ولكن، هل يمكن اعتبار كلّ من يخرج فيلماً مبدعاً بالضرورة، بالتأكيد لا.

 

ـ هل من المفيد أن يتحدث الناقد عن الشكل، أو الجوانب الشكلية الجمالية في الفيلم، هل تهمّ المشاهد/القارئ، وتفيده؟

 

ـ أيّ معلومة صغيرة، أو رُبما تكون من وجهة نظر الناقد بسيطة، هي بالنسبة لعددِ كبير من القراء مهمة ما كان عرفها بدون هذا الناقد الذي كتب المقالة.

 

ـ ما هو معيار الجودة، والرداءة في الفيلم السينمائي؟

 

ـ من الصعب الاتفاق بالإجماع على رداءة، أو جودة فيلم،...لكن، هناك شيء واحد مهمّ هو الأساس في صناعة أيّ فيلم سينمائي، مهما كان مخرجه، أو الممثلين، أو التقنيات الحديثة، أو التكلفة العالية،...المعيار الأساسي هو تقديم قصة ممتعة للمشاهد، صالات السينما هي هروب مؤقت من الواقع، فالمشاهد الذي يشتري تذكرة، ويذهب للجلوس في صالة السينما، يأمل أن يستمتع خلال ساعة ونصف، أو رُبما أكثر بحدوتةٍ ممتعة،...يمكن أن تكون رومانسية، أو كوميدية، أو غيرها من أنواع الأفلام، لكن في الآخر هي قصة متماسكة بدون ثغراتٍ تجعلك تدخل في أدق تفاصيل الفيلم، وتخرج من الصالة، والفيلم في ذاكرتكَ، رُبما لساعاتٍ، أو أيام، أو سنواتٍ طويلة.

 

ـ يتعفف النقاد العرب الكتابة عن نوعياتٍ من الأفلام بعينها: الهلع، الرعب، رعاة البقر، الأفلام الهندية، الجماهيرية،….

 

ـ لا أعرف إذا كان الناقد يتعفف، أو لا يمتلك دراية كافية بهذه النوعيات من الأفلام،...هناك نقاد متخصصون بالسينما العربية مثلاً،  ويعتبرون من أبرز النقاد العرب، لكنهم ليسوا بالضرورة ملمين بالسينما الأجنبية، أو الأمريكية،...والعكس أيضاً موجود. 

 

ـ في إحدى كتاباته/تحذيراته، يصل الناقد اللبناني "محمد رضا" إلى حدّ الإشارة إلى إفلاس النقد السينمائي عندنا؟

 

ـ هناك جيل جديد من النقاد لهم كتاباتهم النقدية المميزة، ويمتلكون إلماماً بتاريخ السينما، ولديهم آفاق واسعة، وإطلاع على الثقافات الأخرى، حيث سهلت التكنولوجيا، والمواقع المهمة على النقاد، واستطاعوا أن يجمعوا معلومات سينمائية رُبما كان الحصول عليها صعباً في السابق..

 

ـ وأنتِ المُتابعة الدؤوبة لمعظم المهرجانات، وتشاهدين أفلاماً عربية كثيرة، هل السينما العربية بخير ؟

 

ـ السينما العربية، بطبيعة الحال، مرتبطة بالواقع العربي الذي لا يُبشر بالخير، هناك بعض الأفلام القليلة جداً التي برزت في السنوات الخمس الأخيرة، وتكاد تُعدّ على أصابع اليد الواحدة، أعتقد أن السينما البديلة هي المستقلة التي يمكن أن تكسر الحواجز لعدم ارتباطها بشركات الإنتاج الكبيرة التي تهيمن على السوق، وبالتالي، يمكن أن تضخ دماء جديدة في صناعة السينما، هناك دائماً مخرج مبدع وهناك مخرج يعرف كيف يسوّق لفيلمه، لذلك، نرى المبدعين حقاً مقلين في العمل السينمائي لعدم توفر الإنتاج. 

 

 ـ هل المهرجانات السينمائية العربية لعبة، أو بيزنس ؟

 

ـ هي الإثنين معاً، وأضيف ثالثة، وهي الترويج، والدعاية،...وتبقى المهرجانات العربية ملتقى سنويّ للسينمائيين، وفرصة لمشاهدة الأفلام التي رُبما لن تُتاح لنا الفرصة لمُشاهدتها في مكانٍ آخر،...وهناك العديد من نجوم السينما حالياً، كانت نقطة انطلاقتهم من خلال فيلم في أحد هذه المهرجانات، وأودّ الإشارة بأن مهرجانات السينما في دول الخليج ساهمت بشكلٍ كبير بدعم صناعة السينما، وتقديم التمويل، والمساعدة في مراحل الإنتاج المتعددة لبعض السينمائيين الذين لم يتمكنوا من الحصول على دعم، أو تمويل ماليّ لإنتاج أفلاهم، وهذا، برأييّ، من أهمّ ما قدمته مهرجانات السينما في منطقة الخليج.

 

ـ تشير الأجواء الحالية إلى مزايداتٍ على موضوع الشباب من الطرفين، الشباب أنفسهم، والأقلّ شباباً، وهذه ظاهرة لا تخصّ السينما وحدها، وإنما كلّ مجالات الحياة، وتدعمها الخطابات الثورية التي سوف تصبح مصيدةً يقع فيها الشباب أنفسهم لاحقاً.

 

ـ بعيداً عن الخطابات الثورية، دعنا نتكلم عن السينما، وهي فنّ شاب، ولن يشيخ، وأنا مع إعطاء الفرص للشباب الواعد الذي يمتلك أفكاراً، ورؤى سينمائية جديدة،... لكن، للأسف، هناك أفلام سيئة للغاية يُنجزها صُناع سينما من جيل الشباب لا ترتقي أن تكون مشاريع تخرج لطلاب معهد سينما، لا بل هي في الأغلب جيدة،..هناك كوارث سينمائية تُرتكب تحت شعار "التشجيع"، ويحصل هذا الأمر كثيراً في مهرجانات دول الخليج. 

 

ــ في السنوات الأخيرة، عمد بعض النقاد العرب إلى إنشاء مُدوناتٍ شخصية، هل حققت أغراضها؟

 

ـ نجحت المدونات، وانتشرت في السنوات العشر الأخيرة، وذلك لاتجاه الكثير من القراء إلى القراءة الإلكترونية،... فعمد النقاد إلى إنشاء مدوناتٍ خاصة تسهل للقارئ متابعة كتاباتهم، معظم النقاد يكتبون بانتظام في صحف، ومجلات، ومعظمها ليس متاحاً على الانترنت، وحتى لو كان لهذه الصحف مواقع إلكترونية، سيجد القارئ صعوبة في الحصول على مقالات نُشرت في أعدادٍ سابقة .

 

ـ ما هو المقصود بكبار النقاد؟

 

ـ هذه التسمية موجودة في كلّ الدول، وتلعب الخبرة دوراً كبيراً،... فلا يمكن لناقدٍ مبتدئ أن يكون "كبيراً"،... الناقد الكبير هو المشاهد السينمائي الجيد، والمُواظب على متابعة الأفلام، هناك نقاد يتابعون مثلا مهرجان كان السينمائي منذ ثلاثين، أو أربعين عاماً بدون انقطاع، وعاصروا أحداثاً سينمائية مميزة، وشهدوا ولادة أسماء كبيرة من نجوم، ومخرجين عالميين.

 

ـ في مدونته "ظلال، وأشباح"، كتب الناقد اللبناني "محمد رضا" عن الناقد الحقيقي، والناقد المُزيف، هل هناك حقيقيّ، ومزيفٌ في النقد السينمائي؟

 

ـ وهناك أيضاً الناقد السارق، وهذا يحصل كثيراً للأسف،...

 

 ـ ماهو تقييمك للمهرجانات السينمائية العربية ؟

 

 ـ أنا مع أيّ تظاهرة سينمائية في أيّ بلد كان،....قدمت دول الخليج، خصوصاً الإمارات، نموذجاً جيداً للمهرجان السينمائي في منطقة الخليج، واستطاعوا بناء وعيّ سينمائيّ للجيل الجديد من الشباب الخليجيين،....السينما ثقافة قبل كلّ شيء، هذه المهرجانات تخلق وعياً، وثقافة سينمائية في المجتمع.

 

ـ حسناً، لقد جاء دور السؤال الأكثر إحراجاً،.. لو كنتِ في لجنة تحكيم، ومن المُفترض منح جائزةَ لناقدٍ سينمائيّ عربيّ، من هو، وماهي مبرراتكِ؟.

 

ـ هناك نقاد اقرأ لهم باستمرار، ولا أحب ان أكون في موقفٍ كهذا،... ولكن يحضرني الآن اسمين لخبرتهم في مجال الكتابة، والنقد السينمائي، ولثقافتهم، ومعلوماتهم الثرية في مجال السينما، وهما محمد رضا، وإبراهيم العريس.

 

ـ دعينا نفترض بأنّ أحد المهرجانات العربية اعتمد جائزةً سنويةً لناقدٍ عربي، ماهي المواصفات التي يجب على إدارة المهرجان، أو لجنة التحكيم أخذها بعين الاعتبار لمنح هذه الجائزة إلى هذا الناقد، أو غيره؟

 

ـ اختار مهرجان دبي السينمائي في دورته العاشرة تكريم ناقد سينمائي "سمير فريد" بدل ممثل، أو مخرج سينمائي كما جرت العادة،... وهي بادرة جميلة لتكريم النقاد العرب،.. أما عن اختيار المواصفات التي يجب على إدارة المهرجان أن تأخذها بعين الاعتبار، هي، وقبل كل شيء، الثقافة السينمائية، تواجد الناقد بانتظام في مهرجانات السينما العالمية، مواكبته للمشهد السينمائي، أن تكون كتاباته النقدية في مجال السينما موضوعية، ومجردة من أيّ أفكار، أو رؤى مسبقة.

المشـاهدات 4061   تاريخ الإضافـة 11/09/2019   رقم المحتوى 1015
أضف تقييـم