النـص : ربما أكون من أوائل الذين حَظوا بالحصول على نسخة من كتاب القاص و الروائي هيثم بهنام بردى المعنوّن " محمود البياتي ... سندباد السّرد العراقي " الصادر - حديثاً جداً- عن المؤسسة العربية للدراسات و النشر- بيروت ، مزدان غلافه الأول برسمة البورتريه من قبل الشاعر الراحل الكبير يوسف الصائغ لصديقه محمود ، و الفضل يكمن بذلك الفضل الذي خصني به المفكر الكبير د.عبدالحسين شعبان من خلال إيصال النسخة عن طريق أحد الأصدقاء الأوفياء القادمين من بيروت ، أتراني متباهياً أو متبرماً – مكتفيّاً- بذكر هذه التفصيلة- فقط - ؟، أم أن في الأمر ما يستحق ويصبو لما هو أبعد ، فالمحتفى به " محمود" المولود في بغداد العام/ 1949 لم يعش في العراق سوى أربعة عشر عاماً منذ ولادته ، حيث غادره - مضطراً- عام/ 1963 ، وعاد إليه عام /1966، ثم غادره – وللمرة الأخيرة-عام/1974 متنقلاً ما بين عدّة مُدن عربية و أوربيّة ّحتى وفاته بذلك المرض الفتّاك في مدينة الكفن الثلجي كما كان السيّاب العظيم يُسمّي عاصمة الضباب ، لندن بهذا الأسم يوم 31 تشرين أول العام/2014 – أي في هذا اليوم (الأثنين) الذي يُنشر فيه مقالي ، مصادفة - ، أذن ما عاشه محمود في العراق لم يبلغ سوى أثنين و عشرين عاماً - لاغير- و كان قد أصدر بعد سطوع و لمعان أسمه في أغلب كل الدول و المدن التي لجأ إليها - العديد من مجاميع القصص القصيرة و القصص القصيرة جدا و الرواية ،إلى جنب إصدارت في مجال الشعر و الكتابات الحُرّة والكتابة للمسرح ، فضلاً عن في حيّزالتفكير بقوادم المستقبل و إنشغالات البيئة و قضايا التنميّة ، حاز البياتي على جائزة القصة العربية في بيروت العام/ 1981، ونال عدد من مُنح العمل من إتحاد الكُتّاب السويديين لعام 1994 وعامي 2000-2001 وعام 2006 ، فيما تُرجمت أعماله إلى اللغات ؛ التشيكية و الإنكليزية والفرنسية، في وقت و حال لا يعرفه كثير الكثير من المعنيين والمهتمين بشؤون الأدب وشواغل السرد من أدباء الداخل بما يكفي ويجب، فبعد قرأتي لهذا الكتاب الذي حوى بعناوينه و متونه منجزات و إبداعات البياتي محمود على نحو ما أثار وقدّم مُعدّ الكتاب بمساندة و رعاية مكثقفة من قبل د. سعد محسن ناجي مؤسس برنامج إبداع الثقافي / مجلس الأعمال العراقي في الأردن من مآثر أعمال و دراسات و مختارات قصص – حوارات – شهادات - و أقوال و تقيمات برعت في إعطاء بعض حقه و إستحقاقاته الإبداعية من لدن عدد من الكُتّاب و المثقفين عراقيين وعرب و أجانب أثروا و أضاءوا جوانب من حياة و جوانب وطنية لهذا الكاتب الكبير والمثقف الأصيا ،الذي رفض بشكل تام – حاسم و قاطع - فرض الحصار الجائر على العراق وشنّ الحرب عليه ثم إحتلاله الغاشم - البغيض في نيسان/2003 ، مُتحمّلاً - فضلاً عن مرضه المميت - تبعات و ضرائب هذه المواقف، لعل ما جعلني أرى محمود البياتي ، متجسّداً أمامي بكامل حضوره البهي - السخي عبر قوائم صدق تجلياته و نقاء تصوراته و جدارة تصديه لعاديات الزمن و حقيقية ما واجه و أجتاز من أهوال صعاب و نوائب و تهديدات ، و لعل ما جاء في وقائع سرد ما أبدع د.عبدالحسين شعبان في مقامته المعنوّنة "محمود البياتي ... سنّار الحلم و الذكرة التي تأكلنا "، و الذي صحّح فيه يوم وعام ولادة الراحل محمود في17 شباط/1944 ، على غير ما ورد في نص السيرة الموجزة الواردة في مقدمة كتاب هيثم بهنام بردى، قد لّخص الكثير و المثير من حياة هذا العراقي النبيل .
Hasanhameed2000@yahoo.com
|