
![]() |
قصة قصيرة تؤام واحد |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
حسين أحمد نعمة لم يكن الفرق بين إلياس وآدم مرئيًا للناس. توأمان متطابقان، نسخة منسوخة بجودة مطابقة. لكن إلياس كان يشعر أن آدم يبتلعه ببطء. ليس مجازًا. كان يأكل حصصه من الطعام، يأخذ مكانه في الصور، ويضحك ضحكته قبله، حتى صار الناس يقولون: "آدم... وأخوه". لم يعد إلياس يُدعى باسمه. صار مجرد ملحق. في الثالثة عشرة، استيقظ ذات يوم ووجد دفتر رسوماته ممزقًا. توقّع أن تكون أمّه أو الريح، لكن آدم كان الوحيد الذي يعرف أين يخفيه. واجهه. آدم أنكر، وابتسم ابتسامة كانت تشبهه تمامًا… لكنها لم تكن له. في الليل، رسم إلياس خطًا بين سريره وسرير آدم. قال في نفسه: "إذا تجاوزه، لن أتركه يعود." في الصباح، كانت هناك شعرة طويلة على وسادته. لم تكن لأحد. بدأ يشك أن آدم يدخل رأسه وهو نائم، يسرق أفكاره، أحلامه، وربما ذكرياته. مع الوقت، صار آدم يتكلم باسمه، يتحدث عن مواقف لم يعشها إلياس أبدًا، لكنه يراها في عيون الآخرين حين تُروى عنها. كانت حياة إلياس تتحول شيئًا فشيئًا إلى مجرد صدى لحياة آدم. في الثامنة عشرة، تقدّما إلى الجامعة نفسها. آدم قُبل. إلياس رُفض.
في تلك الليلة، جلس إلياس في الحمام، وبدأ يحلق رأسه بالموس، خُصلة بعد خُصلة، حتى سقطت آخر شعرة. في المرآة، لم يتعرف إلى نفسه. رأى آدم، لكنه بلا شعر. وفي اليوم التالي، قرر أن يتخلّص من كل ما يشبه آدم. بدأ بالملابس. ثم الصور. ثم الهاتف. كل ما يربطه بتوأمه، أو بالأحرى، بكل ما يذكّره بتلاشيه. وفي الليلة الأخيرة، جلس آدم يقرأ كتابًا على السرير، حين دخل إلياس الغرفة ممسكًا بسكين مطبخ. لم يقل شيئًا. فقط وقف هناك، وآدم رفع نظره، ابتسم كأن المشهد مألوف، لكن قبل أن ينطق، اندفع إلياس وطعنه في العنق. مرة. مرتين. خمس مرات. بعد ساعة، استحمّ، وارتدى ملابس آدم. في الصباح، اتصل بالشرطة وأبلغ عن انتحار توأمه. بعد يومين ، في العزاء، اقتربت أمه منه، ربتت على كتفه، قالت : "آدم." رفع إلياس رأسه ببطء، ونظر إليها بعينين فارغتين، ثم أجاب بصوت خافت بالكاد يُسمع: "نعم." لم يصحّح لها الاسم، فهو لم يعد يعرف من بقي. |
المشـاهدات 21 تاريخ الإضافـة 25/06/2025 رقم المحتوى 64257 |