الخميس 2025/6/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
نيوز بار
حكاية حب في... نشمية المعيدية دراسة نقدية
حكاية حب في... نشمية المعيدية دراسة نقدية
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب يوسف عبود جويعد
النـص :

 

 

 

 

رواية "نشمية المعيدية" للكاتب حميد الكناني، تنتمي الى نمط الرواية الرومانسية، كونها تقدم لنا علاقة حب تنشأ بين  نشمية المعيدية (بائعة القيمر) وسلام الحضري، كما يطلق على هذا النوع من العلاقات العاطفية، التي تعد شبه مرفوضة، إذ كيف لسلام أبن المدينة، أن يتعلق بنشمية المعيدية وهي من بيئة ونشأة مختلفة، ونجد أن المؤلف استطاع أن يقدم لنا حكاية الحب هذه بعيداً عن أي مؤثرات تحول  دون تحقيق الغاية المتوخاة من جعلها ذات بنية رومانسية بحتة، إذ يتفاجأ بجمال نشمية الباهر الذي يسلب الالباب، عندما يلتقيها وهي تدخل في بيتهم لتبيعهم القيمر والحليب، فتشغله وتجعله لا يفكر بغيرها، ولا يرى سواها، الامر الذي أثار حنق والدته، فهو شاب دخل الكلية وابن مدينة متحضر، وهي المعيدية التي لا تجيد القراءة والكتابة، وتشعر نشدة بهذه العلاقة والدة نشمية التي ساق لها القدر حكاية تشبه حكاية نشمية، فهي أحبت عبود بائع القماش، وظلت تتواصل معه حتى أحبها، وتحدى كل التقاليد والاعراف من أجل ارتباط بها، وحقق مبتغاه، وصار عبود زوج لنشدة، لينجبا نشمية ذات الجمال الأخاذ:

"إذ وقف كالطود الشامخ قبالة المعترضين والمعارضين لعلاقته بفتاة من "المعدان" فكان لا يخشى ولا يخاف، كسر الجرة بزواجه منها في زمن كان اسم "المعيدي" عار ووصمة لحقها المتخاصمون ببعضهم، اذن فإن سلام سوف لم ولن يكن الرجل الاول الذي يصارع قيماً وعادات بالية، فها هو عبود المثال الأقرب والحي. لكنها رجفت وضربت صدرها ورأسها ولطمت خدها حين أوصلتها أفكارها الى الاغتيال الذي تعرض اليه عبود بعد أشهر معدودات من الزواج." (ص 23 )

وتسير الأحداث نحو نموها وظهور الصراع الطبقي الذي سوف يكون البؤرة المركزية التي تدار من خلالها دفة الاحداث، فيتعرض سلام لإغراءات كثيرة للزواج من ابنة خالته، أو أحد اقربائه، الا أنه يظل مصراً على البقاء لحب نشمية، التي قررت هي الاخرى، أن تتحرك وتطور من ذاتها، وطلبت مساعدة سلام، للدخول الى مراكز محو الامية، لتكون لائقة به، بينما يلتحق سلام الى العاصمة لإكمال دراسته في احد كلياتها.

وينتقل بنا المؤلف الى حياة نشمية، وهي تخترق صفوف النسوة من بائعة القيمر، لتكون واحدة منهن بدلا من أمها، الذي غلبها الكبر، ونرى الحسد والغيرة على وجوههن وهن يرين نشمية تبيع منتوجها قبلهن وتغادرهن قبل الاوان.

وكلما عاد سلام من الكلية يلتقي بنشمية لقاء الاحبة والشوق يجتاح ذاتيهما:

"من الآن غدا سلام إنساناً لم تعد تنتظره كما ارادوا والمفاوضات المستمرة بين الأم والخالة ينبغي أن تنتهي، فما عادت هناك جدوى بقضاء المرأتين شتاء الليالي منزويتين في غرف دافئة، ترتشفان الشاي وتدخنان، من أجل اثنين لا تربطهما إلا صلة القرابة، فها هو سلام يتوسد الثبات ويحتزم الحزم في مسيرته، فلا اتفاقيات ولا تنبؤات." (ص 77 )

وهكذا تسير الاحداث، في عملية سردية تكشف لنا هذا الصراع، ونرى ثمرة الحب تكبر وتترعرع بين نشمية وسلام، وهما يخططان لمستقبلهما، ويستمر اللقاء بينهما ومن اجل اسكات عيون المتلصصين البسها خاتم خطوبة لتسهل مهمة اللقاء، واقترح على ام نشمية بيع الحليب والمنتجات إلى معمل تجميع الحليب في المدينة، وان تعهد برعاية دوابها الى رجل أمين، لتنتقل للسكن في المدينة، حينها تكون البنت على تواصل سهل بدراستها، ووافقت نشدة على مضض، في حين كانت نشمية في غاية السعاد(ص80 )

وتنمو وتكبر الاحداث، لنتابع تفاصيل عن هذا الصراع الذي هو البؤرة الرئيسة، ونتابع تماسك الاحداث لجعل هذا النص السردي، رومانسياً يحكي لنا علاقة حب بين اثنين، يتحدى العرف والتقاليد من أجل ارتباطهما، فقد تعرض لتهديد من قبل عمه الذي رفض زواجه من "المعيدية" وطالبه بزواجه من احدى بنات عمه، ويحتدم هذا الصراع، الا أن العم يتوفى فتخفت نيران هذا الاشكال، ليقع سلام بإشكال آخر أكثر غرابة ومفاجأة لم تكن بالحسبان، فقد تعود سلام أن يفتح نافذة غرفته المطلة على قصر ضخم لرجل ثري، عليه حراسة مشددة، وهو كبير وواسع، وكان ينظر دون تركيز، فقط يتأمل البستان والاشجار والثمار اليانعة، فترتاح سريرته، الا أن يتفاجأ ذات يوم بدخول هذا الرجل الثري الى غرفته، مع حراسه، وقد توجس خيفة منه، الا أن هذا الرجل الثري طلب منه، أن يزور القصر لأمر هام، وهناك اكتشف أن لدى هذا الرجل ابنة على فراش المرض ومقبلة على الموت، والغريب في الامر أن تلك الابنة مرضت بسببه وانها تحبه، وانها تنظر اليه يومياً خلال سنوات دراسته وهو يفتح نافذة غرفته، وهي تحبه حد الجنون، وهذا الامر شكل لديه صراعاً آخر لم يكن بالحسبان، الا أنه يقرر أخيراً العودة الى محبوبته نشمية، التي اختلفت في مسار حياتها ودخلت معهد المعلمات من أجل أن تكون زوجة تليق بسلام.

رواية "نشمية المعيدية" للروائي حميد الكناني، رواية رومانسية، تدور احداثها في ارض الواقع، ومن الواضح صدق أحداثها، وكتبت بهدوء وشفافية حالمة.

من اصدارات دار المثقف للطباعة والنشر – بغداد2023

المشـاهدات 41   تاريخ الإضافـة 25/06/2025   رقم المحتوى 64260
أضف تقييـم