الأحد 2025/11/23 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 6.95 مئويـة
نيوز بار
النائب والمسؤول والحنث باليمين الدستورية
النائب والمسؤول والحنث باليمين الدستورية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب أ.م.د. صدام العبيدي
النـص :

 

 

اليمين الدستورية هي العهود والالتزامات التي يتعهد بها مسؤولو السلطة التشريعية والتنفيذية من خلال صيغة محددة قانوناً عند توليهم لمناصبهم المقرة دستورياً. والحنث باليمين الدستورية يعني العمل بخلاف مضمون هذه اليمين وما ورد فيها أو ترك العمل بها. وعلى الرغم من اختلاف صيغ القسم أو اليمين الدستورية باختلاف دساتير الدول إلا أنها متفقة على أنها تتضمن القسم بالله العظيم على أداء المسؤول لمهامه ومسؤولياته بإخلاص وأمانة وتجرد. وفي أغلب الدساتير يتعهد المسؤول قبيل تسمنه عمله بتطبيق الدستور واحترام القانون وأداء مهام عمله بأمانة وإخلاص، ففي دستور جمهورية العراق لسنة 2005 قد نصت المادة (50) منه على صيغة اليمين الدستورية حيث جاء في نص المادة أعلاه ما يلي: "اقسم بالله العلي العظيم أن أودي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفان وإخلاص، وان احافظ على استقلال العراق وسيادته، وأرعى مصالح شعبه واسهر على سلامة أرضه وسمائه ومياهه وثرواته ونظامه الديمقراطي الاتحادي وأن أعمل على صيانة الحريات العامة والخاصة واستقلال القضاء والتزم بتطبيق التشريعات بأمانة وحياد، والله على ما أقول شهيد". إن هذا الالتزام الذي يتعهد به النائب والمسؤول من خلال القسم أو اليمين عند توليه مهام عمله ليس مجرد شكل وإنما هو أساس شرعية الحكم فمن خلاله يتعهد النائب والمسؤول بأن يؤدي عمله بكل إخلاص ويلتزم جانب الأمانة والصدق والتجرد لذا فعندما يخون النائب أو المسؤول هذه التعهد والالتزام فهو فضلاً عن أنه حنث بيمينه من الناحية الشرعية فقد ارتكب أمراً خطيراً يستدعي محاسبته قضائياً وفقاً للآليات الدستورية.  وبالرغم من أن دستور العراق لعام 2005 النافذ لم يحدد حالات الحنث باليمين الدستورية إلا أنه قد تطرق لجزائها غير أنه جعل هذا الجزاء قاصراً على شخص رئيس الجمهورية فقط حيث نصت المادة (61/ سادساً/ ب) منه على: "إعفاء رئيس الجمهورية بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب، بعد إدانته من المحكمة الاتحادية في إحدى الحالات الآتية: 1- الحنث في اليمين الدستورية. 2- انتهاك الدستور. 3- الخيانة العظمى". فعقوبة الحنث باليمين الدستورية جاءت في الدستور العراقي النافذ على سبيل الحصر لشخص رئيس الجمهورية وبناءً على ذلك فإذا حنث النائب أو الوزير أو رئيس الوزراء بيمينه فإنه لا توجد عقوبة مقررة لذلك وفقاً للقانون. وعلى الرغم من هذه الثغرة في الدستور وهذا النقص فيه فإن الحنث باليمين ليس بالأمر الهين والسهل بل هو أمر عظيم لا سيما من الجانب الديني والشرعي، فاليمين والقسم الذي يصدر عن النائب أو المسؤول يندرج ضمن اليمين المنعقدة التي يقصدها الحالف ويتعهد بالالتزام بمضمونها فهي ليست لغواً، وحكمها وجوب الكفارة عند الحنث بها لقوله تعالى: "لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون" (المائدة: 89). لذا فإن هذه اليمين هي عظيمة عند الله والحنث بها يعد خيانة للأمانة وإخلال بالعهود والالتزامات التي أمر الله تعالى بالوفاء بها بقوله تعالى: "واوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا" (الاسراء: 34). وللأسف الكثير من النواب والمسؤولين لم يلتزموا بمضمون اليمين الدستورية التي تلفظوا بها، ولم يوفوا بالعهود التي قطعوها على انفسهم عند توليهم للمسؤولية. فكثير من هؤلاء النواب لم ينطقوا بكلمة واحدة خلال الدورة البرلمانية الحالية فكيف يدافعوا عن حقوق الشعب ويرعوا مصالحه؟! وأرض العراق وسماءه صارت مفتوحة لكل من هب ودب، ومياه دجلة والفرات كادت أن تجف بفعل الجارتين تركيا وإيران وليس هناك موقف قوي وحاسم لمواجهة هذه المشكلة وإيجاد الجلول لها، وثروات العراق وأموال أجياله صارت رهينة للفساد والفاسدين، ناهيك عن الهدر لهذه الثروات فلا زال العراق يحرق الغاز خلال عمليات استخراجه للنفط ويهدر مليارات الدولارات سنوياً وفي الوقت نفسه يستورد الغاز لمحطاته الكهربائية!! كما أن الكثير من النواب لم يعملوا على استقلال القضاء بل تدخل بعضهم فيه وهددوه في مراحل معينة وذلك باعتراف أحد أقطاب العملية السياسية!! وعلى الرغم من عدم وجود عقوبة دنيوية لمن يحنث باليمين الدستورية إلا الحانث بها يخضع لعقوبة آخروية؛ لأنه لم يبر بقسمه أولاً، ولأنه خان الأمانة والعهد الذي التزم به ثانياً، ولعمر الله عقوبة الآخرة أشد وأعظم من عقوبة الدنيا لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.    

المشـاهدات 46   تاريخ الإضافـة 22/11/2025   رقم المحتوى 68477
أضف تقييـم